التحليل الموضوعي للصورة الصحفية في تغطية الحرب الروسية الأوكرانية بالمواقع الإلكترونية للصحف العالمية

سعت الباحثة من خلال هذه الدراسة إلى رصد وتحليل سيميولوجيا الصورة الصحفية للحرب الروسية الأوكرانية في المواقع الإلكترونية للصحف العالمية الأربعة عينة الدراسة، وهي (موسكو تايمز الروسية، نيويورك بوست الأمريكية، تشاينا ديلي الصينية، الشرق الأوسط السعودية)، وذلك بهدف التعرف على موضوع الصورة الرئيسي، والشخصيات الفاعلة في الحرب، ونوع الصورة من حيث المضمون، والوظيفة التي تؤديها الصورة، والاستمالات الإقناعية والقالب الصحفي المستخدمين في الصورة، ونوع مصدر الصورة، ونوع الزاوية واللقطة في الصورة، بالإضافة إلى التعرف على الأبعاد والرموز والدلالات الضمنية، والكشف عن الرسائل الخفية التي تتضمنها الصور الصحفية الخاصة بالحرب الروسية الأوكرانية، ولتحقيق هذه الأهداف استخدمت الباحثة أداة تحليل المضمون، وذلك من خلال عمل استمارة تحليل المضمون والشكل وتطبيقها على الصور الصحفية الخاصة بالحرب الروسية الأوكرانية المنشورة في المواقع الأربعة عينة الدراسة، خلال الفترة الزمنية للدراسة، والتي تبدأ من (24 فبراير 2022 حتى 24 ابريل 2022) وهي فترة اندلاع الحرب، ومن (24 فبراير 2023 حتى 24 ابريل 2023) وهي فترة تصعيد الأحداث ودخول الحرب عامها الثاني، كما قامت الباحثة باختيار(14) صورة من إجمالي الصور التي تم تحليلها والتي بلغ عددها (635) صورة، وتم تحليلهم سيميولوجيا وفقا لمقاربة “رولان بارث” الخاصة بالتحليل السيميولوجي للصور.
وتنتمي هذه الدراسة إلى الدراسات الوصفية، واعتمدت على منهج المسح الإعلامي بشقيه الوصفي والتحليلي، كما اعتمدت أيضا على الأسلوب المقارن وذلك للمقارنة بين المواقع الإلكترونية للصحف العالمية الأربعة عينة الدراسة من حيث توظيفها للصورة الصحفية في طرح قضية الحرب الروسية الأوكرانية، وتضمنت هذه الدراسة أربعة فصول، الفصل الأول “الإطار المنهجي للدراسة”، والفصل الثاني “الصورة الصحفية الرقمية واستخدامها في الصحافة الإلكترونية”، والفصل الثالث “نتائج الدراسة التحليلية”، وأخيرا الفصل الرابع “نتائج الدراسة السيميولوجية”.   
وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها ما يلي:

تبين أن موقع صحيفة موسكو تايمز الروسية كان الأكثر اهتماما بتغطية الحرب الروسية الأوكرانية خلال الفترة الزمنية للدراسة مقارنة بالمواقع الأخرى، حيث جاء في المرتبة الأولى بنسبة (33.1%)، ويدل ذلك على حرص موقع صحيفة موسكو تايمز على تقديم تغطية شاملة وكبيرة للصور المتعلقة بالحرب الروسية الأوكرانية، ويليه في المرتبة الثانية موقع صحيفة نيويورك بوست الأمريكية بنسبة (27.6%)، وترى الباحثة أن اهتمام موقع صحيفة نيويورك بوست بالحرب الروسية الأوكرانية ليس فقط لكونها قضية دولية مهمة، بل لأنها تناسب خطها التحريري اليميني المحافظ، فغالبا ما تركز على تقديم الأخبار من منظور يدعم السياسة الأمريكية التقليدية في مواجهة روسيا، وتعزيز صورة الغرب كمدافع عن القيم الإنسانية.
تبين وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين المواقع الإلكترونية الأربعة للصحف العالمية عينة الدراسة من حيث نوعية موضوعات الصورة الصحفية الخاصة بالحرب الروسية الأوكرانية.
قدمت صحيفة موسكو تايمز الروسية معالجة بصرية تعبر عن موقف مستقل نسبيا داخل البيئة الإعلامية الروسية، وذلك من خلال التركيز على المعارضة الداخلية، وخسائر الجيش الروسي، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الدمار الذي خلفته الحرب الروسية في أوكرانيا، مع الحرص على التعدد البصري والرمزي، مما يجعل خطابها أقرب إلى الصحافة الحرة الدولية منه إلى الإعلام الروسي الرسمي.
تبنت صحيفة نيويورك بوست الآمريكية خطابا بصريا يستند إلى إثارة الرأي العام المحلي والعالمي، وإنتاج التعاطف والدعم السياسي والإنساني لأوكرانيا، وذلك عن طريق إظهار وحشية العدوان الروسي في أوكرانيا، والتركيز على معاناة المدنيين واللاجئين الأوكرانيين، من خلال توظيف زوايا محايدة ظاهريا، ولقطات متنوعة، وألوان رمزية، مما يجعل الصورة أداة دعائية قوية ضمن الخطاب الإعلامي الغربي تجاه الحرب.
تبنت صحيفة تشاينا ديلي الصينية خطابا بصريا يبدو حياديا ظاهريا من حيث التكوين، لكنه يحمل دلالات سياسية واضحة في مضمونه وتعليقاته، وذلك من خلال إبراز المعاناة الإنسانية الناتجة عن الحرب مع توجيه اللوم إلى الولايات المتحدة وانتقاد تدخلات الغرب، مما يعكس السياسة التحريرية الصينية التي تجمع بين الهدوء البصري والتوجيه الأيديولوجي الناعم.
تبنت صحيفة الشرق الأوسط السعودية خطابا بصريا يتسم بـالهدوء والتحليلية، حيث سعت إلى تقديم تغطية صحفية متوازنة بصريًا لا تنحاز لأي طرف، وتركّز على أثر الحرب الممتد خارج ساحة القتال، بما في ذلك البُعد الاقتصادي، وهو مايعطيها طابعا دوليا ضمن الصحافة العربية.