استخدامات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ودورهما في التمكين المجتمعي لسكان الجزر النيلية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الأستاذ المساعد بكلية الاتصال والإعلام- الجامعة البريطانية في مصر

المستخلص

لا تحظى دراسات الاتصال والاعلام حول المناطق المعزولة جغرافيا وخاصة الجزر النيلية باهتمام أكاديمي، بالرغم من انتشار تكنولوجيا الاتصال الرقمي. إذ إن الاستخدام الواسع لتكنولوجيا الاتصال والإعلام أضاف المزيد من التعقيد والغموض على منظومة التواصل داخل المناطق البعيدة عن المركز. من هنا تهتم هذه الدراسة برصد استخدامات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والوظائف التي تقوم بها. وكذلك رصد التغيرات المجتمعية التي تحدث في تلك الاماكن نتيجة لديناميكية العلاقة بين تكنولوجيا الاتصال الرقمية والمستخدمين والنظم الاجتماعية المترسخة في هذه الجزر.
إذ تطرح الدراسة العديد من الأسئلة، تشمل: كيف تستخدم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في الجزر النيلية، ومعدلات الاستخدام، وماذا تعني تكنولوجيا الاتصال لسكان الجزر، وماهية الأدوار التي تلعبها في روتين الحياة اليومي للسكان، وما هي نتائج استخدام الانترنت ووسائل التواصل على سكان الجزر؟ وتتبنى الدراسة "نظرية توطين التكنولوجيا Domestication Theory" التي تعتبر من الأطر النظرية الملائمة لفهم عملية ادماج التكنولوجيا في الروتين اليومي لحياة المواطنين وترويضها لتصبح جزء من المعنى المتداول ووسيلة تساهم في تمكين المواطنين. واعتمدت الدراسة على التحليل الكيفي من خلال مجموعات النقاش البؤرية في ثلاثة جزر نيلية في محافظات سوهاج والجيزة وكفر الشيخ، إضافة إلى أسلوب الحوار Dialogic Method.
وتوصلت الدراسة التي أجريت خلال شهر ديسمبر 2021 إلى أن معدلات استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تعد مرتفعة بين سكان الجزر. كما كشفت الدراسة عن توطين التكنولوجيا في الجزر النيلية، بحيث أصبحت جزء لا يتجزأ من حياة السكان "أنا ممكن أستغني عن الجزار... بس ما اقدرش استغني عن الإنترنت "، " دا لو مافيش بكرة أنترنت وفيس... دا مش بس هنقطع عن العالم... دا انا هنقطع عن البر التاني". بحسب تعبير المشاركين. كما تم تطويع التواصل الرقمي عبر الإنترنت وتطبيقاتها لتلائم الاحتياجات اليومية للسكان " كنت كل يوم ابعت حفيدي يجيب الجورنال من البر التاني.... دلوقتي خلاص باعتمد على الإنترنت وباقرأ كل الجرايد أونلاين"، " أيضا ساعدت الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي السكان من تحقيق اشباع التعبير عن الذات، أو عرض الذات the presentation of self حيث تمكنهم من مشاركة نجاحاتهم مع أفراد المجتمع المحلي داخل الجزيرة أو مع الأصدقاء والاهل خارج الجزيرة. فكما ذكر أحد المشاركين " لما يكون عندي عب (قطعة ارض صغيرة منزرعة) نعناع أو خس حلو وشكله جميل بصوره وانشر الصور على فيس بوك.. واصحابي بيشاركوني فرحتي على نجاح الزرع".
وعبر المشاركون عن بعض الإشكاليات التي تواجه عملية توطين التكنولوجيا في الجزر، مثل: ارتفاع تكلفة الاستخدام لهذه الوسائل، نقص التفاعل الاجتماعي المباشر، انتشار أنماط جديدة من المشكلات الاجتماعية، عدم الحصول على الخدمات الالكترونية لضعف سرعة الإنترنت في بعض الجزر. وبصفة عامة تؤكد النتائج أن هناك ادماج للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي داخل الجزر النيلية وأنها أصبحت جزء من ثقافة المواطنين في التواصل وساعدت في تمكين المواطنين اجتماعيا ومعلوماتيا وذاتيا واقتصاديا، وان كانت مازالت بعيدة عن إمكانية تمكين المواطنين سياسيا. وتوصي الدراسة بتوسيع نطاق الدراسات البينية لاستكشاف مزيد من الممارسات التواصلية التي تتم من خلال الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ورصد المتغيرات التي توضح حدود العلاقة والتفاعل بين سكان الجزر النيلية مع التكنولوجيا.

الكلمات الرئيسية