تغطية الصحفيين للأحداث الصادمة وعلاقتها باضطراب ما بعد الصدمة لديهم

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم الإعلام - کلية الآداب- جامعة المنيا

المستخلص

عادةً ما يتطلب عمل المحررين والمصورين الصحفيين تغطية الأحداث الصادمة الناتجة عن أعمال العنف والإرهاب وکذلک حوادث السيارات والقطارات والکوارث الطبيعية والجرائم المختلفة..وغيرها الکثير، والتي ينتج عنها جميعًا العديد من المشاهد المؤلمة التي يشاهدها هؤلاء الصحفيون والذين أيضًا دائمًا ما يجرون مقابلات مع أهالي ضحايا هذه الأحداث، وکليهما-سواء رؤية المشاهد أو إجراء المقابلات- غالبًا ما تترک أثرها النفسي عليهم.
وقد سعت هذه الدراسة إلى بحث العلاقة بين تعرض المحررين والمصورين الصحفيين للأحداث الصادمة عند تغطيتها وأعراض اضطراب ما بعد الصدمة لديهم والمتمثلة في أربعة أعراض رئيسية وهي (تکرار الحدث، والتجنب، و الاستثارة المفرطة، والتعديلات السلبية في الإدراک والمزاج)، کلک محاولة الوقوف على الدور الذي تقوم به المؤسسات الصحفية في تأهيل وتدريب الصحفيين العاملين بها على القيام بهذه المهام. 
وقد طبقت الدراسة منهج المسح والمنهج المقارن، وسعت إلى المزاوجة بين الأسلوب الکمي والکيفي من خلال تکامل الأدوات المستخدمة؛ حيث استعانت بأداة الاستبيان للدراسة الکمية والذي طبقته على عينة قوامها (130مفردة) من المحررين والمصورين الصحفيين بست صحف مصرية وهي (الأهرام، والأخبار، والوفد، واليوم السابع، والوطن، والشروق) من المنتمين لأقسام الحوادث والأخبار والتحقيقات والتصوير الصحفي، وأجرت المقابلة المتعمقة مع (12 مفردة) من ذات عينة الصحف والأقسام الصحفية.
وقد توصلت الدراسة إلى أن أکثر أنواع الأحداث الصادمة التى قام الصحفيون بتغطيتها خلال العام الماضي کانت حوادث السيارات وانهيار المباني والحرائق وحوادث القطارات، وتلاها تفجيرات الکنائس والقتل والحوادث الإرهابية والاعتداءات الجنسية والکوارث الطبيعية کالسيول، وأخيراً تفجيرات المساجد وحوادث الطائرات، وحول معدل تغطية هذه الأحداث تبين من النتائج أن قرابة نصف العينة قاموا بتغطيتها بمعدل متوسط (47,7%) ، و (26,9%) من المبحوثين قاموا بتغطية هذه الأحداث بمعدل منخفض، في حين قام ربع العينة (25,4%) بتغطية هذه الأحداث بمعدل مرتفع.
وحول تصنيف شدة تغطية الأحداث الصادمة تبين أن قرابة نصف العينة (46,2%) تصنف تغطيتهم للأحداث الصادمة على أنها متوسطة المستوى من حيث الشدة، تلاهم (30%) منهم تعرضوا لصدمات منخفضة المستوى عند تغطيتهم للأحداث الصادمة، مقابل (23,8%) من المبحوثين تصنف تغطيتهم للأحداث الصادمة بأنها مرتفعة من حيث شدتها، وهم من تعرضوا للتهديد اللفظي والجسدي ورأوا مشاهد توصف بأنها شنيعة، وشاهدوا أشخاصًا تصارع الموت، وربما أعلنوا بنفسهم خبر الموت لأهالي الضحية، وکلها مواقف تجعل شدة تغطيتهم للأحداث الصادمة مرتفعة بالمقارنة بغيرهم ممن لم يتعرض لهذه المواقف.
وأظهرت نتائج المقابلات أن المشاهد المؤلمة التي يراها المبحوثون لا ينسوها ولا تمحى من ذاکرتهم حتى لو مرت عليها سنوات طوال فکلهم لا يزالون يتذکرون الأحداث الصادمة التي قاموا بتغطيتها بتفاصيلها الدقيقة.
وتبين أن ما يزيد عن نصف العينة (56,9%) منهم لم يحذرهم أحد من الأثر النفسي الذي قد يصيبهم بعد تغطية مثل هذه الأحداث الصادمة، مقابل (43,1%) منهم تم تحذيرهم قبل قيامهم بمهمتهم، وغالبية من حذروهم کانوا زملاء العمل ثم أفراد الأسرة وأخيرًا الأقارب.
وحول دور رؤساء الأقسام في توعية المبحوثين بکيفية التعامل عند تغطية هذه الأحداث، أشار (62,3%) منهم إلى أنه قد سبق و قام أحد رؤسائهم بتوعيتهم حول کيفية التعامل لتغطية الأحداث الصادمة، مقابل (37,7%) منهم لم يقم رؤسائهم بتوعيتهم.
وحول أعراض اضطراب ما بعد الصدمة الناتجة عن تغطية المبحوثين للأحداث الصادمة أظهرت النتائج أن أکثر هذه الأعراض ظهورًا بين المبحوثين هي الأعراض المتعلقة بالاستثارة المفرطة، وتلاها ظهور أعراض التعديلات السلبية في الإدراک والمزاج، ثم أعراض تکرار الحدث، وأخيرًا أعراض تجنب الحدث.
وبينت نتائج المقابلات المتعمقة غياب جانب التدريب نهائيًا لدى المؤسسات الصحفية حول کيفية التعامل مع مثل هذه الأحداث للتقليل من آثارها النفسية السلبية عليهم، وإن کانت هناک مبادرات فردية من جانب رؤساء أقسام لتأهيل صحفييهم نفسيًا حول التعامل مع مثل هذه الأحداث.

الكلمات الرئيسية