اتجاهات الجمهور إزاء تغطية الجريمة في الصحافة المصرية:

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

استاذ مساعد بقسم الصحافة بکلية الإعلام – جامعة القاهرة

المستخلص

تزداد قيمة دراسة اتجاهات الجمهور وآرائه بخاصة في حالة صحافة الجريمة إذ تتسابق الکثير من وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية في تغطية الجرائم بشکل آني وقد تکون هذه التغطية صادقة وأمينة وقد تکون مغرضة وغير دقيقة، وبالتالي فإنه من الأهمية بمکان أن تولي الصحافة المصرية التي تهتم بتغطية أخبار الجريمة ومعالجتها اهتماما فعليا - وهو تحديدا ما يسعى البحث لدراسته – بمتابعة ودراسة آراء الجمهور واتجاهاته واحتياجاته، والعمل على الاستفادة منها حتى تقوم بعملها بشکل مهني فاعل فيما يتصل بتغطية ونشر أخبار الجرائم.
کشفت نتائج الدراسة عن العديد من الملاحظات التي يجدر مناقشتها ويمکن إيجاز أهمها فيما يلي:-
*  وجود تشابه في بعض أنواع القصور الموجودة بتغطية الجريمة بالصحف سواء على مستوى العالم کله أو على مستوى البلدان العربية کتصدير الصور النمطية واختراق الخصوصية وتعمد إخفاء بعض التفاصيل أحيانا والاختلاق أحيانا والتلفيق ونشر الشائعات وعدم الدقة وتعمد الإثارة أحيانا على حساب الصحة ،وتبدو الإشکالية الأهم في تغطية الجريمة في الصحافة العربية کما أظهرت نتائج الدراسات السابقة ومن ضمنها الصحافة المصرية کما أظهرت ذلک إجابات الجمهور في هذه الدراسة عدم الاهتمام باللجوء للمتخصصين مثل المتخصصين في علم الاجتماع وفي علم النفس بهدف الاستعانة بهم في تفسير الجريمة ودوافعها وتطور أنماطها، الأمر الذي يتطلب رؤية وآلية تعمل على التطوير وعلى ألا تکون التغطية المقدمة خبرية فقط أو مجرد تغطية سطحية في حالة بعض الجرائم التي تستوقف الرأي العام وتحتاج لجهد في التحليل والتفسير والسعي للإيجاد حلول.
*  يتجه الجمهور بصورة ملحوظة إلى استخدام الصحافة الاليکترونية ووسائل التواصل الاجتماعي في الحصول على المعلومات ومتابعة تغطية الجرائم التي تهمه بشکل أکبر من الصحافة الورقية التقليدية لأسباب متعددة مثل تنوع ما بها من فيديوهات وصور ولکونها تحدث ما بها من معلومات بشکل متسارع وللتفاعلية التي تتيحها ولمعرفة ردود أفعال القراء وتعليقاتهم وتوجهاتهم في ذات الوقت، الأمر الذي يؤکد على أهمية وضرورة الاستفادة من هذه الإمکانات والإشباعات التي تحققها تکنولوجيا الاتصال الجديدة في تقديم تغطية شاملة وصادقة ودقيقة للجريمة في الصحافة المصرية، وبالتالي نضمن اعتماد الجمهور عليها ،ونضمن إشباعها لحاجات الجمهور حين استخدامها.
*  وعي الجمهور إلى حد کبير بالمبادئ الأخلاقية المهمة في الممارسات المهنية المتصلة بتغطية الجريمة وأنهم يميزون کثيرا من التجاوزات غير الأخلاقية التي تتسم بها التغطية المقدمة للجريمة بالصحافة المصرية يشير إلى ضرورة وأهمية تحقيق مزيد من الاهتمام بأخلاقيات العمل الإعلامي وألا يلجأ الصحفيون لتحقيق الإثارة والشهرة على حساب احترام أخلاقيات المهنة في تغطية الجرائم لأن ذلک يؤثر سلبا على مصداقية الصحيفة وعلى ثقة الجمهور فيما تقدمه وکذلک تؤدي لکثير من الآثار السلبية على الفرد وعلى المجتمع کما أوضحت نتائج الدراسة.
*  وبالتالي فإن الرؤية الواقعية للتطوير لا بد أن تبدأ من:-
-  التدريس والتدريب الجيد المتطور والمتکامل الذي يؤهل الصحفيين بالفعل لإنتاج تغطية شاملة ومتعمقة ومتوازنة ودقيقة، وترى الباحثة أن التدريس والتدريب عمليات مستمرة أي يجب ألا تتوقف لکل من يعمل في الإعلام عموما ولکل من يعمل في تغطية الجريمة خصوصا لخطورتها وأهميتها –کما أوضحنا من قبل – وذلک لأن تکنولوجيا الاتصال وقضايا الإعلام والمجتمع واحتياجات الجمهور وتطور النظم الإعلامية والتشريعية وتطور اهتمامات المجتمع وظروفه کلها عوامل تؤکد على أهمية الاستمرار في التدريس والتدريب للقائم بالاتصال حتى نضمن المهنية في التغطية وأن يتم النشر بهدف تحقيق تأثير إيجابي.
-   تطوير مقررات دراسية وطرائق تعليمية تختص بالتعامل المهني الإعلامي مع الجريمة في کافة کليات وأقسام الإعلام، بحيث تصبح هناک مقررات وکذلک تدريبات عملية تنتهج طرق تدريب وتدريس متطورة تهتم تحديدا بکيفية تغطية الجرائم وآليات تقصي الحقائق وتدقيقها وماهية المصادر الأدق في حالة بعض الجرائم وما يتصل بها بعد ذلک من تحقيقات وعقوبات وأحکام وأهم الإشکاليات المتصلة بتغطية الجرائم ونشرها وکيف يمکن التغلب على الصعوبات والمخاطر المتصلة بذلک وهي کلها أولويات تؤدي لتغطية مسئولة ومهنية وجاذبة.
-   وفي الوقت ذاته الاهتمام في المؤسسات الصحفية بضرورة اتباع ممارسات مهنية مسئولة في أقسام الجريمة يراعي فيها الصحفيون السبق الصحفي والشمول مع مراعاة المسئولية الاجتماعية المناطين بها نحو المواطنين ونحو مجتمعهم ومن ثم تقديم تغطية موضوعية تحترم وتطبق أخلاقيات المهنة، وأن تخصص کل صحيفة دليلا أخلاقيا للعمل وفقا له مع محاسبة الصحفيين الذين يصدر منهم تجاوزا لهذا الدليل بما يمنع أو- على الأقل – يقلل التجاوزات في تغطية ومتابعة ونشر الجرائم وما يتصل بها.
-  الاهتمام بالبحث عن الأسباب وراء الجرائم خاصة المتکرر منها بما يشکل ظاهرة يجب البحث في مسبباتها والسعي لإيجاد حلول لها ،بمعنى الاهتمام بالتغطية المتعمقة التي لا تقف عند حد الرصد وإنما تسعى لإيجاد الحلول بدلا من الاکتفاء بالمعالجات السطحية وهنا يظهر أهمية وجود خبراء في علم النفس والاجتماع والجريمة والأمن والقانون حتى تتحقق الفائدة المرجوة من تغطية الجريمة للجمهور وللمجتمع. 
-  اهتمام المؤسسات الصحفية باستطلاعات الرأي ومتابعة دورية لردود أفعال الجمهور ومدى ثقته وماهية احتياجاته التي تتطور وتختلف من فترة لأخرى، ومعرفة آراء الجمهور والمواطنين فيما يتم تقديمه من معلومات وبيانات والمصادر التي يتم الاعتماد عليها والاستفادة من کافة تلک الملاحظات التي يبديها المواطن والمتابع لتغطية الجريمة بالصحافة المصرية والتعويل عليها بحيث تصبح أحد الأسس المهمة في عمليات التقييم واتخاذ القرارات المهنية.
-  إقامة ملتقيات وندوات دورية في المؤسسات الصحفية المختلفة تجمع بين الصحفيين من المحررين والمصورين والمراسلين والجمهور والمسئولين من مختلف القطاعات التي يتصل عملها بصحافة الجريمة کرجال الشرطة والمشرعين والإخصائيين النفسيين والإخصائيين الاجتماعيين، الأمر الذي يفيد في تبادل الرؤى والأفکار وتحقيق الاستفادة المتبادلة ومن ثم تطوير تغطية الجريمة بالصحافة المصرية وتحقيق أکبر استفادة ممکنة للجمهور وبالتالي رضاهم عما يقدم.
-  العمل على تطوير ميثاق الشرف الصحفي وتخصيص مساحة فيه لأخلاقيات تغطية الجريمة وکل ما يتصل بها مثل متابعة التحقيقات والإجراءات الجنائية والعقوبات والأحکام القضائية المرتبطة بالجريمة محل التغطية حتى لا تتضمن تغطية الجريمة کثير من السلبيات کالإثارة والتعميم والمبالغات المفتعلة والتغطية الجزئية غير المکتملة.   

الكلمات الرئيسية