تصورات الصحفيين لمفهوم "التنظيم الذاتي" وآلياته وإمکانية تطبيقها في المؤسسات الصحفية المصرية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

باحث دکتوراه بقسم الصحافة کلية الاعلام جامعة القاهرة

المستخلص

ازدهرت صناعة الصحافة منذ مطلع الألفية الثالثة في مصر بمعايير عدد الإصدارت الورقية والبوابات الصحفية الإلکترونية الجديدة والمتزايدة والمتنوعة فى أطر تقديمها للأحداث والقضايا وفق أنماط ملکيتها وأيديولوجياتها. وزاد دور الصحافة فى مجال مناقشة قضايا الرأي العام، وارتفعت درجات اعتماد الجمهور عليها، لکن ذلک الازدهار تزامن مع بروز مطالبات وشکاوى عديدة من المجال العام والدولة والمختصين، بضرورة إيجاد آلية متفق عليها لضبط الأداء الصحفي وتقويمه، خصوصا بعد تفجر أزمات عديدة کان الإعلام مسؤولًا عنها کليا أو جزئيا.
وتتلخص مشکلة هذه الدراسة في محاولة قياس مدى إدراک الصحفيين المصريين لآليات ضبط الأداء الصحفي، بالترکيز على عناصر "التنظيم الذاتي" Self-Regulation  لصناعة الصحافة، ومدى استيعاب الصحفيين المصريين لهذا المفهوم وتطبيقه في عملهم اليومي داخل مؤسساتهم الصحفية.
أن هناک اقتناع ورغبة لدى معظم الصحفيين في عينة الدراسة بأن "التنظيم الذاتي" ووجود ميثاق شرف داخلي هو النظام الأمثل لضبط الأداء والممارسات الصحفية للقائمين بالاتصال داخل المؤسسات الصحفية، فانضواء الصحفيين تحت أشکال "التنظيم الذاتي" سيحقق لهم المهنية الواعية والسلوک الأخلاقي الصحيح والتأثير الإيجابي في المجتمع[i].
وهناک رؤية يتبناها الکثيرون من الکتاب والصحفيين، ويتبناها أيضا کونجرس الاتحاد الدولي للصحفيين تقوم على أن وضع المعايير الأخلاقية يجب أن يکون مسؤولية الصحفيين وحدهم دون أي تدخل خارجي، وتقوم هذه الرؤية على أن المبادئ الأخلاقية لابد أن تکون نابعة من الصحفيين أنفسهم لکي يستطيعوا الالتزام بها، وأنها تعبر عن ضميرهم، ولذلک فهم الأقدر على تصور مشکلاتهم ومواجهتها، ولذلک فإن الميثاق الأخلاقي الذي يمکن أن يکون أکثر نجاحًا في التأثير في سلوک الصحفيين وتحسين أدائهم لابد أن يبدأ من الممارسة الفعلية للصحفيين.
فالمواثيق الأخلاقية لا تشکل فقط صياغة للعلاقة بين الصحفيين والمجتمع، لکنها أيضا ضرورة للصحفيين أنفسهم ولتنظيماتهم المهنية، فهي تلعب أدواراً مهمة من أهمها: ([ii])
1- إن المواثيق الأخلاقية توفر إحساسًا بالذاتية المهنية وتشير إلى نضج المهنة، وتؤدي إلى أن يحصل الذين يمارسونها على اعتراف اجتماعي بأن هذه المهنة تتميز عن غيرها من المهن، ولذلک فإنه يتم تنظيمها في شکل رابطة للممارسين، کما أن الممارسين الذين ينتمون إلى هذه الرابطة يشترکون في مهارات خاصة، وأنهم قد حصلوا على المعرفة الکافية لممارسة هذه المهنة، ولذلک فإنهم يقدمون ميثاقهم الأخلاقي للمجتمع، ويقومون بتطويره وتحديثه لتطوير الخدمات التي يقدمونها للمجتمع.
2- إن الميثاق الأخلاقي يتيح للجماعة المهنية أن تعرف نفسها، إنه يخبر الممارسين من هم؟ وماذا يجب أن يقوموا به؟ کما أنه يتيح إمکانية للنقد الداخلي والإصلاح الداخلي. إنه أيضاً يعلن للأخرين من هي هذه الجماعة المهنية؟ ويحدد الأهداف والقيم والمعايير التي يمکن أن يستخدمها الأخرون في فهم هذه الجماعة المهنية، وتحديد التوقعات منها، والمناقشة معها وتقييمها وبحث أي امتيازات يتطلبها القيام بهذه المهنة، والواجبات التي يجب أن تفي بها.
4– إن المواثيق الأخلاقية تساهم في تحقيق الاستقلال المهني أو الحکم الذاتي المهني بتوفير إطار لـ "التنظيم الذاتي"، وهو إطار للوفاء بالمسؤويات، وهذا يوفر بدوره أفضل وسائل الدفاع عن حرية الصحافة.
والخلاصة، أن "التنظيم الذاتى" للصحافة المصرية يمکن اعتباره تلبية لاستحقاق ضروري تأخر کثيرًا، وهو استحقاق يتجاوب مع مدرکات الجماعة الصحفية المصرية، ويلبي طلبًا واضحًأ لها، ويتسق مع التطورات الإعلامية والديمقراطية التى شهدتها معظم بلدان العالم الحر، وينهض کمحاولة فعالة للحد من انفلاتات الأداء الصحفى والممارسات الضارة، التى يحفل بها الوسط الصحفي الوطني، ويوفر آلية ناجعة لصون حرية الصحافة والحفاظ على المعايير المهنية.

الكلمات الرئيسية