العوامل المؤثرة فى السياسة التحريرية لوکالة أنباء الشرق الأوسط

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

باحثة بقسم إعلام – کلية اداب - عين شمس.

المستخلص

تهدف هذه الورقة البحثية إلى الکشف عن العوامل المؤثرة فى السياسة التحريرية لوکالة أنباء الشرق الأوسط ودور هذه السياسة فى تحقيق فاعلية الرسالة الإعلامية للوکالة ومن ثم تحقيق أهدافها کتنظيم، وذلک باستخدام البيانات الکيفية Qualititave Data التى أسفرت عنها المقابلات مع بعض نواب رئيس التحرير بالوکالة، ويتميز هذا النوع من البيانات بالصدق Validity وإتاحة حرية التعبير حيث يتيح مساحة واسعة من الحرية للمبحوثين للتعبير عن مشاعرهم وتفاعلاتهم تجاه موضوع البحث؛ ومن ثم يشجع على التعمق فى البحث والتفسير، ولذا تعد البيانات الکيفية أکثر أنواع البيانات کسبًا للصورة الکاملة لما يتم بحثه من موضوعات (اعتماد علام،2012 :13).
ومن ثم تفيد هذه البيانات فى الکشف عن ملامح السياسة التحريرية لوکالة أنباء الشرق الأوسط والعوامل المؤثرة فى هذه السياسة وآثارها فى فاعلية الرسالة الإعلامية للوکالة.
وتستقى هذه الورقة أهميتها العملية من أهمية الدور الذى تلعبه وکالات الأنباء على المستوى المحلى والدولى حيث تعد مصدرًا أساسيًا للمعلومات بالنسبة لوسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة (وکالة أنباء الشرق الأوسط ،1996 :6) وقد تعاظم دورها فى الوقت الحاضر بسبب ثورة المعلومات والاتصالات التى أدت إلى زيادة التدفق الاعلامى والمعلوماتى، بحيث أصبح للإعلام بصمة واضحة على صناعة المعلومات، لأنه يشکل الطريقة التى يتلقى بها الجمهور المعلومات، کما يؤثر فى نوعية ومضمون هذه المعلومات (فاطمة القلينى،2002 :5) وهنا يبرز التحدى الأساسى الذى يواجه الإعلام العربى فى عصر العولمة وهو الوصول إلى مصادر الأخبار والفجوه الکبيرة بين من له حق الحصول على المعلومات ومن لايملک هذا الحق (Baran,Davis,2006:373)
ولعل هذا ما دفع الدول العربية إلى التفکير فى إنشاء وکالات أنباء وطنية وإقليمية لمواجهة سيطرة وکالات الأنباء العالمية، وتعد وکالة أنباء الشرق الأوسط من أقدم الوکالات العربية والإقليمية کما أنها أول وکالة أنباء فى إفريقيا ودول العالم الثالث، ولها شبکة مراسلين فى الداخل والخارج لتغطية الأخبار المحلية والإقليمية، کما کانت عضوًا مؤسسًا فى کل من وکالة الأنباء الإسلامية ووکالة الأنباء الإفريقية ومجمع وکالات أنباء دول عدم الانحياز واتحاد وکالات الأنباء العربية ورابطة وکالات أنباء البحر المتوسط.(وکالة أنباء الشرق الأوسط،2013 :4).
ومن ناحية أخرى تأتى أهمية هذه الورقة باعتبارها محاولة علمية للتعرف على دور السياسة التحريرية لوکالة أنباء الشرق الأوسط فى تحقيق فاعلية رسالتها الإعلامية، وقد تبين من خلال اطلاع الباحثة على المصادر المتاحة والمتعلقة بموضوعها أن هناک عددًا قليلاً من الدراسات الأکاديمية –خاصة العربية- التى تناولت موضوع وکالات الأنباء بالرغم من أهمية هذا الموضوع البحثى. وقد کان اهتمام أغلب هذه الدراسات والبحوث منصبًا إما على تاريخ وکالات الأنباء المختلفة ونشأتها وتطورها أو على موضوع التدفق الإخبارى بين دول العالم المتقدم والنامى. وتوصلت هذه الدراسات إلى استمرار سيطرة وکالات الأنباء العالمية على تدفق الأخبار عبر العالم رغم إنشاء وکالات أنباء وطنية وإقليمية ومجمعات إخبارية بهدف التخلص من التبعية الإعلامية والحد من نفوذ الوکالات الدولية.
ومن ناحية أخرى تشکل السياسة لتحريرية – کما أشارت نتائج بعض الدراسات – إحدى الإشکاليات الرئيسية التى تؤثر فى العمل الصحفى فى مصر، حيث تلجأ أغلب المؤسسات الصحفية إلى الاستناد إليها فى حجب ما تشاء من أخبار وحقائق ووضع خطوط حمراء للقائمين بالاتصال ويعد هذا سببًا أساسيًا من أسباب معاناة الصحفيين، خاصة فى ظل غياب مظاهر الممارسة الديموقراطية فى معظم المؤسسات الصحفية بسبب عدم مشارکة المحررين فى وضع السياسة التحريرية (عمر حسين،2006 :127).
اهم النتائج.
1- اتفقت نتائج الدراسة مع النظرية النقدية فى نظرتها لوسائل الإعلام فى علاقتها بالقوى المسيطرة فى المجتمع، حيث افترضت أن هذه القوى تؤکد نفوذها من خلال وسائل الإعلام التى تقوم بإعادة تشکيل الحقائق الاجتماعية بما يتفق مع رؤيتها وأهدافها وهذا ما أکدته نتائج الدراسة التى أبرزت تأثير سياسة الدولة والنظام الحاکم فى السياسة التحريرية لوکالة أنباء الشرق الأوسط ومن ثم تعد من أبرز العوامل المؤثرة فى فاعلية الرسالة الإعلامية للوکالة، فقد کان تبنى الموقف الرسمى للدولة إزاء الأحداث والقضايا المحلية والخارجية أبرز ملامح سياستها التحريرية ويمکن تفسير هذه النتيجة فى ضوء نظام ملکية وتمويل الوکالة التابع للدولة الذى ساهم فى زيادة تبعيتها للسلطة الحاکمة أو النظام السياسى الحاکم.
ومن ثم تتفق هذه النتيجة مع الفرضية التى ترى أن وسائل الاتصال تتأثر ببناء القوى الاقتصادية والسياسية المهيمنة التى توظف الرسائل الاتصالية لتدعيم هيمنتها وتحقيق مصالحها، وتجلى ذلک کما کشفت النتائج – خاصة فى عهد مبارک- فى عدم نشر أغلب أفکار الأحزاب والقوى السياسية المعارضة ،وکذلک وکذلک اغلب أخبار الإضرابات والمظاهرات أو تناولها بشکل يرضى عنه رموز النظام والاقتصار فى أغلب الأحيان على المصادر الرسمية، بالإضافة إلى تدخل المصادر فى شئون النشر – خاصة الأخبار السياسية – ويرجع ذلک فى جزء منه إلى نمط القيادة التى تدير العمل فى الوکالة ، حيث أشار بعض المبحوثين إلى أن رؤساء التحرير قاموا بتحويل الوکالة إلى "بوق للنظام" وذلک للحفاظ على مناصبهم.
وتتفق هذه النتيجة مع الفرضية التى اهتمت بدراسة العلاقة بين رؤساء التحرير والصحفيين ومصادر أخبارهم باعتبارها تمثل لعبة القوة داخل المؤسسة الإعلامية، التى يتم عن طريقها تدعيم نفوذ القوى المسيطرة فى المجتمع.
** وقد اختلفت النتائج إلى حد ما مع الفرضية السابقة سواء فى الفترة التى أعقبت ثورة 25 يناير مباشرة أو فى فترة حکم الرئيس السابق محمد مرسى، حيث أکد المبحوثون انفتاح السياسة التحريرية للوکالة – إلى حد ما- لتضم الأخبار التى کانت تمنع من النشر التى سبق الإشارة إليها وذلک لرغبة المحررين بالوکالة فى التخلص من التبعية المطلقة للنظام السياسى أيا کان.
وقد ساهم فى ذلک أيضًا تخوف النظام الحاکم فى عهد الرئيس محمد مرسى من الإعلام المصرى عمومًا بما فى ذلک الوکالة ومحاولة تقييد دورها سواء بحجب الأخبار عنها ومنعها من الوصول إليها أو الضغط عيها ماديًا ،مما زاد من رغبة المحررين فى محاولة إبراز کافة وجهات النظر بقدر الإمکان.
وإن کانت هذه السياسة مذبذبة– کما أشارت النتائج- بين قبول نشر الأخبار والأفکار المعارضة فى بعض الأحيان أو منعها فى أحيان أخرى ويرجع ذلک إلى عدم وجود سياسة واضحة وموحدة لدى القيادات فى الوکالة.
2- برغم اتفاق نتائج الدراسة مع فرضيات النظرية النقدية الخاصة بدور وسائل الإعلام فى تدعيم نفوذ القوى المسيطرة فى المجتمع وتأثرها ببناء القوه الاقتصادية والسياسية المهيمنة ، إلا أنها اختلفت معها فى قدرة وسائل الإعلام على تحقيق استقرار المجتمعات عن طريق حشد وتعبئة الجماهير تجاه القضايا التى تحقق هذا الاستقرار حيث أشارت النتائج إلى أن الوکالة – خاصة فى عهد مبارک-  کانت تدعم رموز النظام السياسى الحاکم أکثر من تعبيرها عن مصالح الدولة وقد دلل على ذلک بعض أفراد العينة قائلين "إن المشکلة التى يواجها الإعلام المصرى هو عدم قدرته على تعبئة الجماهير تجاه قضايا الدولة الحقيقية"
3- ترى النظرية النقدية ضرورة خلق أنماط اتصالية جديدة تنمو وتتطور عن طريق الحوارات الجماعية القادرة على طرح خطاب عقلانى نقدى يحل محل الخطاب الرسمى وذلک لاستبدال النظام المؤسسى بنظام آخر لايحتوى على معوقات وعراقيل تعوق حرکة الأفراد ومشارکتهم فى المجتمع ، ويتفق ذلک مع النتيجة الخاصة برؤية القائمين بالاتصال لتطوير السياسة التحريرية للوکالة ومن ثم زيادة فاعلية رسالتها الإعلامية، حيث أجمع أفراد العينة أن استبدال النظام المؤسسى القائم يرتبط أولاً بفصل ملکية الوکالة عن الدولة والعمل على زيادة مواردها المادية الذاتية بإنشاء خدمات جديدة وتطوير خدماتها الموجودة.

الكلمات الرئيسية