المداولات العامة فى الفضاء المعلوماتى حول ملف زيارة العاهل السعودى (الملک سلمان ) لمصر

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الإعلام - کلية الآداب - جامعة دمياط.

المستخلص

  استهدفت الدراسة رصد واقع المداولات العامة - عبر تعليقات القراء -  المثارة فى الفضاء المعلوماتى إزاء  زيارة العاهل السعودى لمصر، وما تمّ طرحه من ملفات واتفاقيات، واستندت على مدخل المجال العام، کمدخل نظري يسهم إلى حد کبير في تحديد المتغيرات، من خلال تطبيق استمارة تحليل مضمون لتحليل محتوى التعليقات المثارة على صفحات عينة من المواقع، وبالأخص( موقع الوطن، وموقع العربية .نت، وموقع  شبکة السى إن إن عربى) على عينة بلغ مقدارها 2121 تعليقًا خلال فترة زمنية  تمتد من  7/4/2016 م إلى 30/6/2016 م، والتى بدأت من يوم زيارة العاهل السعودى لمصر وما أعقبها من نتائج متتالية على مر الأيام المقبلة، وبالاعتماد على منهجى المسح الإعلامي والمقارنة المنهجية، وتؤکد نتائج الدراسة الحالية على عدة مؤشرات  تتمثل فى :-
1- تتعدد وتتنوع الموضوعات المثار حولها المداولات فى مواقع عينة الدراسة، ما بين اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، واتفاقية مشروع إنشاء الجسر البرى المصرى السعودى، ومشروعات الشراکة الاستراتيجية المستدامة بين البلدين، واحتلت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مکان الصدارة من إجمالي موضوعات ملف الزيارة والتى حظيت على نسبة تعليقات عالية من قبل المعلقين ؛ وهذا راجع لأهمية تلک الاتفاقية، وما أحدثته من حراک على الصعيد العربى.، تليها إتفاقية إنشاء الجسر البرى، فى حين جاءت فى المرتبة الأخيرة إتفاقية مشروعات الشراکة الاستراتيجية المستدامة بين البلدين، کما حظى موقع الوطن على أعلى نسبة تعليقات بواقع939 تعليقًا، يليه موقع شبکة السى إن إن عربى بواقع 694 تعليقًا، ثم موقع العربية .نت بواقع 488 تعليقًا، وهذا راجع لاهتمام المصريين بملف زيارة العاهل السعودى الملک سلمان لمصر، وما تم طرحه من اتفاقيات ومشروعات تباينت حولها ردود أفعال متباينة، حيث احتدم حولها جدل عارم بشکل واسع لدى أوساط عديدة داخل الشارع المصرى لتأثيراتها الأمنية والمجتمعية على الأمن القومى المصرى، فانتقل الحراک من أرض الواقع إلى الفضاء المعلوماتي، ممثلًا فى الساحة المخصصة لتعليقات المتصفحين على موقع الوطن - بوصفها فضاءً جديدًا للتعبير وطرح الآراء بل وساحة للنقاش أملًا فى التأثير على صناع القرار، مما يعد مؤشرًا على أننا بصدد تحول اجتماعي قيمي اقتضاه الوعي المتزايد بالحق في المواطنة بممارسة هذا الحق من خلال تلک الساحة الافتراضية، وبوصفها تشکل أساليب ضغط جديدة قادرة على استحداث الأثر، وتعبئة الرأي العام حول القضايا المطروحة للنقاش.
2-هناک تفاوت فى طبيعة التعليقات ونمطها المثارة على صفحات المواقع حسب طبيعة القراء المتصفحين للمواقع، فتعددت وتنوعت فحوى المداولات المثارة على صفحات مواقع عينة الدراسة، فاحتل نمط إضافة معلومات جديدة تثرى موضوع البحث مکان الصدارة، يليها نمط اقتراح حلول ورؤى، ثم نمط طلب توضيح للموضوع، ثم نمط الدعاء بالتوفيق، ثم نمط الدعوة إلى التفاؤل، يليها نمط الشکر والاعتزاز، فى حين جاءت فى المرتبة الأخيرة  فئة تصحيح معلومات للکاتب، واتفق موقعا الوطن والعربية فى تصدر نمط إضافة معلومات للموضوع الرئيسى المرتبة الأولى، وهذا ينم عن الوعى الفکرى والثقافى لدى المعلقين، فمعظمهم ذو علم واطلاع کاف وذوى خبرة  رصينة بملفات الزيارة، ولديهم نظرة فاحصة لکل الاتفاقيات المطروحة، کما تعددت طرائق شکل وعرض کتابة نصوص تعليقات القراء على مواقع عينة الدراسة، ما بين النصوص المکتوبة  فقط، والنصوص المکتوبة المزودة بروابط، والنصوص  المکتوبة المزودة برسم توضيحى، والنصوص المکتوبة المزودة  بخرائط .
3-تباينت مواقف المداولات والنقاشات العامة ما بين المعارضة والتأييد، والمحايدة، فاتفقت معظمها فى الاتجاه المؤيد لاتفاقيتى (إنشاءالجسر البرى الذى يربط بين السعودية ومصر، واتفاقيات مشروعات الشراکة الاستراتيجية المستدامة بين البلدين) لکونهما داعم قوى للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، حيث جاء فى المرتبة الأولى الاتجاه المؤيد لتلک الاتفاقيين بنسبة عالية، فى حين اختلفت الاتجاهات والآراء حول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية - للجدل التاريخي والقانوني حول ملکية وتبعية الجزيرتين  - حيث جاءت فئة الاتجاه المعارض للاتفاقية المرتبة الأولى، واتفق موقعا الوطن وشبکة السى إن إن عربى فى تصدر الاتجاه المعارض لدى متصفحى الموقعين، فى حين تصدر الاتجاه المؤيد للاتقافية لدى متصفحى موقع العربية، فوصفوها بمثابة حق أصيل لهم، حيث نظروا إلى هذه الجزر على أنها کانت أمانة عند المصريين بطلب من الملک السعودي، والأمانة رجعت لأصحابها.
4-  تستخدم معظم تعليقات القراء لغة جادة متزنة تنم عن مخزون علمى ولغوى  وأخلاقى جاد لدى کتابها  ومستوى الرقي الفکري والحضارى، حيث جاءت فئة لغة جادة ومتزنة فى المرتبة الأولى، فى موقعى العربية والوطن، تليها لغة تحريضية وشتائم، فى حين جاء العکس على موقع شبکة السى إن إن عربى، فکانت اللغة التحريضية والشتائم هى السمة البارزة على تعليقات متصفحى الموقع، فتحولت تلک الساحة إلى مجال للشحن الطائفي بصورة مخالفة لطبيعة المجتمع العربى، وکشفت عن سلبيات موجودة في المجتمع، وهذا راجع  لمستوى التدنى الحضارى والأخلاقى لدى بعض المعلقين.  
5-غلب على نقاشات المعلقين على موقع شبکة السى إن إن عربى فى مناقشة القضايا محور الزيارة  الفوضوية والعشوائية، حيث جاءت فئة تأخذ منحى أخر وتتحول إلى معرکة بين المعلقين على صفحات الموقع، فسرعان ما تحولت النقاشات إلى معرکة وصراع بين المعلقين بعضهم البعض، وهذا دليل على العوار الثقافى المريع السائد  لدي بعض المعلقين، وسطحية فکرهم وعدم خبرتهم بفکرة الحوار المجتمعى الديمقراطى الصحى، فأصبحت  تلک الساحة مجالاً للحروب الفکرية بين تيارات ذى أيديولوجيات متباينة، قد تخلق نوعًا من الاستفزاز للرأي العام، الذي ستکون له تداعيات قد تصل إلى حد إحداث أزمات، فبعض النقاشات قد تجاوزت منطق الحوار ووصلت لحد التهجم بعبارات السب والقذف، نقاشات يغلب عليها مدارج التردي والانحسار، مما يشير إلى خلل حقيقي في منظومة آداب الحوار الرقمى واحترام الرأي والرأي الآخر، فى حين جاء العکس فى موقعى الوطن والعربية، حيث تصدرت النقاشات الهادفة فى المداولات بين متصفحى الموقع، فمن شأن النقاشات الجادة تنشيط الحياة السياسية وتشکيل رأي عام مساند أو معارض لفکرة ما أو قرار ما، وتوجيهيه، والذي يؤثر بدوره علي صناع القرار.
6-تعددت وتنوعت الأهداف الأساسية للمعلقين حول ملفات زيارة العاهل السعودى لمصر، وجاء فى المقدمة هدف تعزيز للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، يليه هدف محاولات لإثارة الفتنة بين الجانبين، ثم هدف الدعوة لاستنهاض روح الکرامة والعزة، واتضح أن الهدف الأساسى للتعليقات المثارة على صفحات موقعى الوطن والعربية هو دعم العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، فکانت غالبية تعليقات متصفحى الموقعين هدفها دعم لم الشمل العربي، والتعاون المشترک على المستوى السياسي والثقافي والاقتصادي، والعسکرى، فى حين جاء هذا الهدف المرتبة الأخيرة من إجمالى تعليقات متصفحى موقع شبکة سى إن إن عربى، حيث تصدر هدف إثارة  الفتنة بين الجانبين المرتبة الأولى، فبعض التعليقات تکتنفها النوايا السيئة والمصالح بمختلف أنواعها وأشکالها، لإفشال أي تعاون بين البلدين، فبعضها مغطى بغلاف سياسي، فکانت بمثابة محاولات يائسة بائسة للاستغلال والتسطيح من بعض المغرضين، وهذا راجع للطبيعة السيکولوجية لبعض المعلقين، فمنهم من  يحمل الطابع العدائى للسعودية (کاليمنين والإيرانيين ) خاصة بعد التدخل العسکرى فى اليمين بعد عاصفة الحزم، فکانوا ضد أى تقارب سعودى مصرى، حيث تعمدوا إثارة الفوضى والبلبلة وبث الفتن والوقيعة بين البلدين، بإثارة  التعليقات التى تحث على الشحناء والوقيعة بين الطرفين ؛ لمنع أى تقارب بينهم على أرض الواقع .     
7- تعددت وتنوعت اللهجات والنغمات المسيطرة على تعليقات القراء، فتصدرت النغمة التفنيدية (الاستقصائية)  المرتبة الأولى، تليها النغمة التساؤلية (الاستفهامية )، تليها النغمة (التخويفية ) إثارة  المخاوف، تليها النغمة التخوينية ، تليها النغمة الاستفزازية (الساخرة )، تليها نغمة الإشادة  والدعم، تليها نغمة الشجب والرفض، تليها نغمة الإدانة والاستنکار، فى حين جاءت فى المرتبة الأخيرة نغمة التهديد والتحدى، واقتصرت على موقع الوطن، واتفقى موقعا الوطن والسى إن إن عربى فى تصدر النغمة التخوينية لدى المعلقين، فى حين اختفت تلک النغمة فى تعليقات متصفحى موقع العربية .

الكلمات الرئيسية