نحو نموذج نظري مقترح لتفسير دور وسائل الإعلام في التمهيد للثورات

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس مساعد بکلية الإعلام- قسم الصحافة - جامعة القاهرة.

المستخلص

  أوضحت نتائج التحليل مجموعة من الآليات برزت في خطابات الصحف القومية المدروسة وساهمت من خلالها في التمهيد لثورة 25 يناير:

آلية تزييف الواقع

کشفت نتائج التحليل عن أن خطابات الصحف القومية المدروسة کانت تقدم خطاباً مغايراً عما يتم تقديمه في الصحف الخاصة والحزبية، ففي الوقت التي کانت تندد فيه الصحافة الخاصة والحزبية بتزوير الانتخابات، کان خطاب الصحافة القومية يشيد بأي عملية انتخابية ويؤکد نزاهتها، وفي الوقت الذي کانت تدين فيه الصحف الخاصة والحزبية عينة الدراسة انتهاکات حقوق الإنسان وفي مقدمتها وقائع التعذيب والسحل للمواطنين، کانت الصحف القومية عينة الدراسة تشيد بأداء الشرطة وتؤکد نزاهتها، کما لجأت الصحافة القومية لتزييف واقع المواطن المصري ومشکلاته الحقيقية فکانت في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب المصري، وفي ظل اشتعال الأزمات الحياتية – کأزمتي الخبز وارتفاع الأسعار- کانت تؤکد أن الوضع علي ما يرام بل وتشيد بأداء الحکومة وتحرکاتها في إشباع احتياجات المواطنين بالمخالفة للواقع، فضلاً عن أنها کانت تتجاهل احتجاجات المواطنين علي سوء الأوضاع المعيشية.
وضمن هذه الآلية وظفت الصحف القومية عينة الدراسة إستراتيجيتين هما: إستراتيجية التعتيم الإعلامي بتجاهلها لمطالب المصريين، وهو ما ساهم في تعميق أزمة الثقة بين النظام والشعب المصري، وکذلک إستراتيجية التبرير الزائف والتي وظفتها في الدفاع عن سياسات النظام بشکل مبالغ فيه.وما يؤکد ذلک أحد فرضيات نموذج الشرعية السياسية في علاقته بوسائل الإعلام بأن تجاهل وسائل الإعلام لسلبيات النظام أمر لا يدعم شرعية النظام السياسي، بل قد يؤدي إلي توسيع الفجوة بين السلطة السياسية والمواطنين، ومن ثم إشاعة التوتر.

آلية مهاجمة الخصوم وعدم احتواء المعارضين

وظف خطاب الصحف القومية عينة الدراسة هذه الآلية في الهجوم علي ما أسماهم "خصوم النظام والحاقدين عليه" سواء من قوي المعارضة بشکل عام والحرکات الاحتجاجية بشکل خاص عبر عدة تکنيکات أهمها: وصفهم بالغوغائيين الذين يريدون إلحاق الفوضى بالبلاد، اتهامها بالتخوين والعمالة للخارج، والتحقير من شأن أعضائها. وفي تقدير الباحث أنه في ظل استمرار نمو الحرکات الاحتجاجية في الشارع المصري ، اتبعت الصحافة القومية نهج التجاهل في بادئ الأمر لمطالبها، ثم توالت الضرب في شرعيتها. وفي رأي الباحث أن المبالغة من قبل الإعلام الحکومي في تشويه صورة الحرکات الاحتجاجية قد ساهم في تعريف الشارع المصري بهذه الحرکات.

أليه التنوير (في نطاق محدود)

برزت هذه الآلية في نطاق محدود للغاية في خطاب الصحف القومية الخاضعة للتحليل من خلال طرح بعض المفاهيم الخاصة بالديمقراطية والإصلاح السياسي والتغيير في مقالات عدد محدود من الکتاب، وأفسح الخطاب مساحة واسعة لمناقشة دلالات التعديلات الدستورية والانتخابات الرئاسية علي المشهد السياسي في مصر، وهو ما ساهم بشکل محدد في عملية تعريف الرأي العام بهذه المصطلحات، خاصة في ظل إنه کانت هناک مساحة داخل هذه الصحف لانتقاد الهيمنة السياسية للحزب الوطني وهو ما ساهم أيضاً في تعميق فکرة الاستبداد والهيمنة وإن بدا ذلک بشکل غير مباشر.

الكلمات الرئيسية