الضوابط الأخلاقية والتشريعية لشبکات التواصل الاجتماعي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ الصحافة وتکنولوجيا الاتصال ووکيل کلية الاعلام – جامعة القاهرة

المستخلص

في ظل الهيمنة الإعلامية للإعلام السائد، تبرز قدرة المواطن العربي على مقاومة الإعلام السائد عبر التعرض لمصادر المعلومات التي تتسق مع قيمه ومواقفه واتجاهاته، والابتعاد عن الإعلام الذي يصطدم مع تلک القيم والمواقف والاتجاهات. ويقدم ناشطو الإعلام البديل المعلومات اللازمة للحراک الاجتماعي والسياسي مثل تفاصيل اللقاءات والاعتصامات والتظاهرات وعناوين الشخصيات والجهات المستهدفة بالاحتجاج، مشکلين بذلک شبکات تضامنية بين المهتمين بقضايا الجمهور. وهکذا، فإن الإعلام البديل يتجاوز مجرد تقديم المعلموات إلى التحفيز والحشد والإثارة.
إن "الإعلام البديل" يمثل- في رأينا – جرس إنذار لوسائل الإعلام التقليدية من جرائد ومجلات وقنوات تليفزيون التي يشعر الناس بالإحباط تجاهها والشک في مصداقيتها والانزعاج من صعوبة الوصول إليها أو التأثير فيها، وعدم المشارکة في صياغة رسائلها الإعلامية، وهو ما يجب أن يدفع المؤسسات الإعلامية العربية إلى التخلص من الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها عبر العقود، کما يحتاج الإعلاميون إلى وقفة صادقة وجهود جبارة لتصحيح أخطائهم وزيادة مصداقيتهم وتطوير ارتباطهم بالشارع وفتح أبوابهم للآراء الأخرى، وهي الوقفة والتوجه الذي حرصت عليه بعض الصحف الخاصة في مصر على سبيل المثال.
ويرى البعض أنه رغم عديدٍ من المشکلات التي يأن تحت وطأتها الإعلام التقليدي إلا أن "الإعلام البديل" يعاني أيضاً من مجموعة من المشکلات الأخرى قد لا تجعله الحل الأمثل، وقد تجعله أکثر خطراً على المنظومة الثقافية للأمة العربية، حيث يعاني الشارع العربي من مشکلات جمة في التفکير تجعل آراءه أقرب إلى السطحية والتعميم ومرتبطة أکثر بالشائعات والشعارات الأيديولـوجية التي تلاقي هـواه، حتى لو لم يقـف المنطق إلى جانبها ولم يؤيدها التاريخ والعلم(1).
وتتسم مواقع الشبکات الاجتماعية بعديدٍ من السمات کالاندماج والمشارکة والانفتاح وغياب الحدود، والنمو الکبير الذي شهدته مواقع الشبکات الاجتماعية يفرض عددا من التحديات على سياسات الإعلام التقليدية وما يتعلق بتنظيمها، فعلى الرغم من الإيجابيات الکثيرة لمواقع التواصل الاجتماعي إلى أن هنالک عديدٌ من السلبيات والمخاوف المرتبطة بهذه المواقع، وتتمثل في الخصوصية وحماية البيانات وانتشار خطاب الکراهية والتحريض والبلطجة، وقضايا الملکية الفکرية أو حق المؤلف، وأيضا انتشار الشائعات المجهولة المصدر(2).
ويمکن حصر التأثيرات السلبية لهذه المواقع في مجموعة النقاط التالية:
-       بث الأفکار الهدامة والدعوات المنحرفة والتجمعات الفاسدة: وهذا البث مما يحدث خللاً  أمنياً وفکرياً، وخاصة أن أکثر رواد الشبکات الاجتماعية من الشباب مما يسهل إغراؤهم وإغواؤهم بدعوات لاتحمل من الإصلاح شيئاً بل هي للهدم والتدمير، وقد تکون وراء ذلک منظمات وتجمعات، بل ودول لها أهداف تخريبية.
-      عرض المواد الإباحية والفاضحة والخادشة للحياء: لقد ذکرت وزارة العدل الأمريکية في دراسة لها أن تجارة الدعارة والإباحية تجارة رائجة جداً يبلغ رأسمالها ثمانية مليارات دولار ولها أواصر وثيقة تربطها بالجريمة المنظمة. وتشمل تجارة الدعارة وسائل عديدة کالکتب والمجلات وأشرطة الفيديو والقنوات الفضائية الإباحية والإنترنت. وتفيد إحصاءات المباحث الفيدرالية الأمريکية (FBI) أن تجارة الدعارة هي ثالث أکبر مصدر دخل للجريمة المنظمة بعد المخدرات والقمار.
-      التشهير والفضيحة والمضايقة والتحايل والابتزاز والتزوير: وهي أخلاقية تظهر على الشبکة بشکل عام لسهولة التدوين والتخفي، وهي أخلاقيات لاتحتاج بالضرورة إلى معرفة تامة بالبرمجة والبرمجيات، ولاتستند في الغالب العام إلى مستند شرعي حقيقي، فلا يحتاج صاحبها للتدليل أو التعليل أو الإثبات، کل هذا تقابله أنظمة وقوانين لاتملک الرد الرادع لمثل هذه التصرفات.

الكلمات الرئيسية