نماذج إدارة غرف الأخبار متعددة المنصات

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

باحثة دکتوراه بقسم الصحافة – کلية الإعلام – جامعة القاهرة

المستخلص

تسعى هذه الورقة إلى رصد النماذج الرئيسية لإدارة المنصات المتعددة داخل المؤسسات الإعلامية، أو بمعنى آخر کيف تتم صناعة القرار وکيف يتدفق العمل داخل مؤسسة تنتج أنواع من المحتوى تختلف في طرق إنتاجها وتوزيعها واستهلاکها، إذ يطبع بعضها في صحيفة وينشر البعض الآخر على موقع إلکتروني أو يعرض کفيديو على موقع يوتيوب أو يتم بثه في رسائل قصيرة على الهواتف المحمولة أو غيرها من منصات توصيل المحتوى، وينقسم الفصل إلى ثلاث مباحث، وذلک باستعراض النماذج الرئيسية التي وضعها الباحثون والدراسات الأکاديمية لتوصيف نماذج إدارة المؤسسات متعددة المنصات، والسمات المميزة لکل نمط منها.
وفي ضوء النماذج التي سعت إلى تأطير أنماط إدارة غرف الأخبار متعددة المنصات ما بين الانعزال الکامل إلى الاندماج الکامل، يمکن إدراج التعليقات التالية:
ـ الابتکار التکنولوجي يعتمد على قرارات اقتصادية ومهنية، ما يعني أهمية دراسة الاندماج ليس کعملية تقودها التکنولوجيا technology-driven process وإنما کعملية تستخدم الابتکارات التکنولوجية لتحقيق أهداف محددة في ظروف خاصة بکل حالة، وهو ما قد يفسر السبب في تباين النتائج التي أفضت إليها مشروعات الاندماج الإعلامي)[1])، وظهور نماذج متعددة لإدارة غرف الأخبار متعددة المنصات.
ـ على الرغم من تباين النماذج التوصيفية لانتقال المؤسسات الإعلامية نحو الاندماج، وتفاوت مستويات التکامل بين المنصات التي تمتلکها المؤسسة الواحدة، من حدود التنسيق المحدود إلى تحقيق الاندماج الکامل، إلا إن تلک النماذج المختلفة تسعى في مجملها إلى استثمار الفرص الجديدة التي توفرها تقنيات الاندماج الإعلامي على مستويات إنتاج الأخبار وتوزيعها واستهلاکها، وللتکيف مع التحولات التي غيرت مزاج المستهلکين وعاداتهم، بما أعاد صياغة السوق الإعلامي بالکامل، لتسعى غرف الأخبار إلى تقديم محتوى متکامل بين منصات متعددة تستهدف الوصول لأکبر قدر من المستهلکين باستخدام أنماط متنوعة من المحتوى وعبر مختلف الأجهزة التي يستخدمونها ليصبحوا قادرين على الوصول للمحتوى في أي وقت ومن أي مکان، وهو الهدف الذي انعکس في بنى غرف الأخبار وهياکلها التنظيمية ليظهر ما يسمى بغرف الأخبار المدمجة Integrated Newsroom أو Converged Newsroom.
ـ التجارب العملية هي التي قادت نمذجة أساليب إدارة غرف الأخبار ذات المنصات المتعددة وليس العکس، إذ سعت تلک النماذج لتوصيف حالات انتقال المؤسسات من أنماط الإدارة التقليدية الانعزالية إلى  درجات متباينة من التکامل والاندماج، ومن ثم اتجهت لوضع نماذج توصيفية بالأساس، وهو الأمر الذي يکشف عن ععدم وجود قواعد بعد لإدارة غرف الأخبار متعددة المنصات، أو نهجًا موحدًا للانتقال دون الغرف المدمجة، إذ أضفت کل تجربة صحفية من خصوصيتها وذاتيتها على الخطوات التي اتبعتها والشکل النهائي الذي استقرت عليه.
ـ جاءت نماذج الاندماج الکامل لتعبر بالأساس عن دوافع اقتصادية لترشيد نفقات غرف الأخبار، والاستفادة من الآفاق التي أتاحتها التکنولوجيا الحديثة، بحيث باتت تبحث عن استثمار الموارد المتاحة، وعدم توفير فريق عمل لکل منصة على حدة، لما يعنيه ذلک من تکاليف مضاعفة وتکرار للجهود والأدوار، بما يحمله ذلک من تداعيات سلبية تحريرية وإدارية وتسويقية.
ـ على الرغم من الخلط بين نموذج الوسائط المتقاطعة cross media model والذي تکون فيه کل منصة ذات إدارة مستقلة مع قدر عال من التنسيق بينهم، والاندماج الکامل full Integration الذي يقوم بالأساس على تشارک الموارد والعمل لکافة منصات النشر دون الانتماء لوسيط بعينه، أي إن تعدد المنصات يکون على مستوى الإنتاج والنشر على السواء، ولکن بشکل عام فقد باتت الدراسات الإعلامية تستخدم مصطلحي integrated أو convergent newsrooms بشکل مترادف للتعبير عن غرف الأخبار التي تتمتع ببنى إدارية وتکنولوجية وتحريرية تسمح بإدارة مختلف المنصات بشکل متکامل.
ـ إذا کان نموذج التقاطع بين الوسائط cross-media model يرکز على تقديم منتجات متعددة الوسائط في إطار من التعاون بين المنصات، فيما کل صحفي يعمل بمکانه في إطار من التفکير الإداري الذي يمنح الأولوية لعمليات الإنتاج الإخباري، فإن النموذج المتکامل integrated model يمنح الأولولية للتفکير الاستراتيجي والتخطيط الهيکلي الذي يعيد بناء شکل العلاقات الإدارية والتحريرية داخل المؤسسة بما يجعل هذه المنتجات متعددة الوسائط تخرج من بيئة متعددة المهارات ذات ثقافة صحفية جديدة لا تعير انتباهًا لنوع المنصة وإنما للخبر ذاته بغض النظر عن وسيط إنتاجه.
ـ على الرغم من الاهتمام بمفهوم غرف الأخبار المدمجة، باعتبارها النموذج الأمثل لإدارة غرف الأخبار متعددة المنصات إلا أن هناک تجارب صحفية اتجهت إلى العدول عن ذلک الاندماج، وتجارب أخرى عزفت عن الاتجاه إليه وتفصيل أنماط الإدارة التعاونية، وهو الأمر الذي يؤکد عدم وجود نموذج مثالي لإدارة هذا النوع من الغرف ونجاحها وأن الأمر يتعلق في جانب کبير منه برؤية المؤسسة وأهدافها وطبيعة العمل بها.


 



 



 

الكلمات الرئيسية