اتجاهات خطاب الصحافة العربية نحو قضية تجديد الخطاب الدينى

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ الصحافة المساعد بقسم الإعلام – کلية الآداب – جامعة حلوان

المستخلص

مع تتابع الأحداث وتوالى الأزمات التى تحيط بالمنطقة العربية تتعالى الأصوات المطالبة بتجديد الخطاب الدينى وتتحامل على المؤسسات الدينية وتعزى لها السبب فيما يحدث من حوادث إرهابية وغيرها ، ولاشک أن الحاجة ملحة لصياغة خطاب دينى يوقظ الضمائر ويحرک الفکر ويحيى القيم فى النفوس وينعکس أثره سلوکا واقعيا لاسيما فى ظل ماتشهده المجتمعات العربية والإسلامية مماينذر بخطر يهدد أمن واستقرار تلک البلاد . وقد ناقش مسألة تجديد الخطاب الدينى العديد من المفکرين وبرزت مطالبات ودعوات إلى نفض اليدين عن التراث جملة وتفصيلا والالتحاق برکب الحضارة الغربية فکرا وسلوکا ، ومع تصاعد الدعوات إلى التجديد تثار عدة تساؤلات منها : أى نوع من التجديد نستهدف ؟ هل التجديد الذى يحفظ الأصول والثوابت ويراعى المتغيرات أم التجديد الذى يجعل هذا الخطاب متسقا وهوى بعض الاتجاهات التى تشکک وتتعرض لبعض الثوابت والأصول ؟
خلاصة النتائج:
-    تشير النتائج إلى بروز الجدل بين القديم والحديث أو الأصالة والمعاصرة وإلى تشابه الخطابات الصحفية بالأهرام والحياة وسيطرة رؤية التيار التنويرى على خطاب صحيفتى الدراسة ،ويتضح ذلک کميا وکيفيا حيث أسفر التحليل عن طرح التيار الغالب لتلک الخطابات لرؤية التيار العلمانى لقضية تجديد الخطاب الدينى ولم يفسح المجال لوجهة نظر علماء الدين أو التيار المحافظ سوى فى عدد محدود جدا من المقالات بصحيفتى الدراسة . 
-    تکشف نتائج الدراسة عن ترکيز منتجى الخطابات الصحفية بالأهرام والحياة حول بعض المآخذ على الخطاب الدينى وتضمنت المطالب التى يرغبون أن يتسم بها الخطاب الدينى أن يکون اتجاهه إلى اللين بدلا من القسوة وضرورة ابتعاده عن الإتباع والسعى نحو الاجتهاد ، وأن يکون خطابا وسطيا تنويريا وأن يبتعد عن الإفراط أو التفريط ، ووصف بأنه يتسم بوجهته الماضوية حيث يرکز على الماضى أکثر من الحاضر ويصور الماضى على أنه الأمثل . کما کشفت الدراسة عن وصف الخطاب الدينى بأنه خطاب أخروى يرکز على عالم الآخرة ويهمل الدنيا ويخلو من الحديث عن المستقبل أو الاهتمام بالنزعة الانسانية ، ويرسخ الأفکار المتشددة فى فهم الدين بدلا من الفکر الوسطى . وتشابهت الصحيفتان فى ذلک وطالبتا بضرورة تجديد الخطاب وعدم الاکتفاء بتغيير المضمون فحسب ، وإنما ينسحب التجديد على تنظيم المساجد وإعداد الدعاة وتنظيم التعليم الدينى ومراجعة مناهجه .
-    حذرت الخطابات الصحفية فى الصحيفتين موضع البحث من تداول الدين فى الخطاب الرسمى للدولة وتداخل الشأن الدينى مع الشأن السياسى ، وأکدت على أن الدين أمر يتعلق بالمجال الخاص أى أنه يتعلق بالعلاقة بين الإنسان وخالقه فثمة حضور قوى للدين فى المجال العام ، وهو شأن يتخوف منه منتجو الخطابات الصحفية ويسعون نحو جعله مقتصرا على المجال الشخصى الخاص .
-    تضمنت محاور التجديد التى دعا إليها الخطاب الصحفى بصحيفتى الدراسة محورين أولهما : المحور الفکرى ويتمثل فى التجديد فى نمط التفکير وإفساح المجال أمام الاجتهاد وثانيهما : المحور الإدارى والتنظيمى سواء فيما يتعلق بتنظيم عمل المساجد والإشراف عليها وتکثيف برامج التدريب للأئمة والخطباء والدعاة والعمل على تأهيلهم لضبط الخطاب الموجه للعامة.
-    تشير النتائج إلى ترکيز الأطروحات الصحفية حول القضايا المرتبطة بمضمون الخطاب الدينى ومن أبرزها الترکيز على الماضى وعدم التجديد فى القضايا المطروحة والتمسک بالشکل دون الجوهر والترکيز على العبادات دون المعاملات والقيم الإسلامية والعلاقة بالسياسة ووصمت ذلک الخطاب بجمود الفکر وبالاهتمام بالنقل على حساب العقل . کما ناقشت قضايا متعلقة بالدعاة أو مقدمى الخطاب الدينى وحثت على ضرورة وضع ضوابط للعمل بالخطابة وقصر الدعوة على خريجى الأزهر .
-    کان للسياق السياسى والمجتمعى الذى تم فى إطاره إنتاج الخطابات الصحفية موضع التحليل أثره البالغ فى تشکيل اتجاهات تلک الخطابات بشأن تجديد الخطاب الدينى ، فقد کان لطبيعة ومستوى الصراع والصدام بين القوى السياسية المدنية والقوى ذات المرجعية الإسلامية أثره البالغ فى تشکيل ملامح الأطروحات المقدمة حول الخطاب الدينى وظهر ذلک قبل وبعد سقوط الإخوان ، کما کان لذلک الصراع أثره فى تزايد الاهتمام بمقولة فصل الدين عن السياسة وسيطرة تلک المقولة على الأطروحات موضع التحليل . کما کان للأحداث السياسية التى وقعت خلال فترة البحث أثرها البالغ فى النتائج التى خلصت إليها الدراسة حيث شهدت تلک الفترة سقوط نظام الإخوان وتراجع الثقة فى التيار الإسلامى بين العديد من فئات المجتمع وتصاعد الاتهامات للإخوان بالخيانة والعمالة والإرهاب مما کان له أثره على فقدان الثقة فى ذلک التيار مما انعکس على اتجاهات الأطروحات الصحفية  بشأن الخطاب الدينى، کما کان لتکرار حوادث العنف السياسى والمجتمعى أثرها فى تحميل الخطاب الدينى کل المسئولية وراء وقوع تلک الحوادث السلبية ودور القيم التى يحملها هذا الخطاب فى إشعال دائرة العنف .

الكلمات الرئيسية