رؤية النخبة المصرية لتأثير الإعلام الجديد على منظومة القيم السائدة في المجتمع خلال ثورة 25 يناير

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الصحافة بقسم الإعلام - کلية الآداب – جامعة بنها.

المستخلص

اضطلعت مؤسسات التنشئة الاجتماعية التقليدية –الأسرة والمدرسة والجامعة ودور العبادة- بلعب دور کبير في تکوين وعي الإنسان وثقافته وتشکيل منظومة القيم التي يتمسک بها وما يفرزه ذلک من عادات وتقاليد في السلوک، أما اليوم فإن هذا الدور انتقل بشکل کبير إلى الإنترنت ونوافذها الإعلامية الجديدة، لقد انتقل دور الإسهام في بناء معارف واتجاهات وقيم الفرد وثقافته من وسيط بشري ملتزم بقيم محددة إلى وسيط شبکي يجمع بين تناقضات القيم.
         ويشير الباحثون إلى أن النظرة السسيولوجية لتغيير القيم السائدة لا يمکن أن تتم وتتضح معالمها إلا من خلال تزاوجها مع تکنولوجيا الاتصال والمعلومات، مما يدفعنا إلى دراستها وتحليلها وفق الثقافة الرقمية، وبالتالي فإن البحث في تأثير الإعلام الجديد على منظومة القيم السائدة في المجتمع خلال ثورات الربيع العربي ينال أهمية کبيرة خاصة أنها ثورات شعبية بدون قيادة، وهذا ترجمة فعلية للاتصال الأفقي للجماهير، وهي بذلک کادت تفقد أهدافها وتوفر آلية تکفل قيمها، إضافة إلى أن هذه الثورة انتقلت بالمجتمع المصري من حالة السلبية والخضوع إلى حالة الإيجابية والمشارکة في الشأن العام.
وتأسيسًا على ما سبق، تُعنى الدراسة الحالية بالبحث في تأثير الإعلام الجديد بما يمتلکه من أدوات وآليات تفاعلية على منظومة القيم السائدة في المجتمع المصري بوصفها الإطار المرجعي الحاکم لتصرفات وسلوکيات الفرد والمجتمع، واختبار العلاقة بين ثقة النخبة في الإعلام الجديد وشعورهم بمدى وجود أزمة قيم داخل المجتمع المصري خلال ثورة 25 يناير.
اضطلعت وسائل الإعلام الجديد بدور بارز في بناء وتشکل منظومات القيم، وتشکل الأطر الثقافية الحاکمة لسلوکيات الأفراد وتصرفاتهم في حرکة التفاعل الاجتماعي، ولکن من الأهمية الإشارة إلى أن عوامل التغير القيمي السائد لا يمکن تعليلها بعامل وحيد –الإعلام الجديد- فقط، بل يوضح الواقع الفعلي تساند وتفاعل عوامل عدة: "سياسية، اقتصادية، تعليمية، تکنولوجيا، وإيديولوجيا موجهة" لإحداثه، لذلک يصعب تحديد المتغير الفاصل في التغير القيمي للجمتع المصري خلال ثورة 25 يناير.
ولکن المتتبع لحالة الثقافة المصرية وقيمها الحاکمة لسلوکيات المصريين، يلاحظ أنها فقدت السيطرة والمناعة على مقاومة الثقافات والقيم الوافدة في ظل العولمة الإعلامية لشرکات الإعلام الاجتماعي، والتحول الحتمي لاستخدامها في الاتصال والتواصل والتعبير عن الرأي في المجتمعات العربية. ولذلک سعى هذا البحث لقياس تأثير الإعلام الجديد على منظومة القيم السائدة في المجتمع خلال ثورة 25 يناير لدى عينة من النخبة المصرية (270 مفردة)، وتوصل الباحث إلى مجموعة من النتائج والدلالات أهمها:
-       تعاني منظومة القيم الثقافية والاجتماعية السائدة في مصر من الخلل وعدم التوازن بنسبة (34.8%) من وجهة نظر النخبة المصرية، بينما أشارت (24.1%) من النبخة المصرية إلى قوة وتماسک منظومة القيم المصرية، وذکر (41.1%) من النخبة بأنها متوازنة إلى حد ما،  وهو ما يتفق مع شعور (57.5%) من النخبة المصرية بأزمة القيم في المجتمع.
-       تمثلت أهم القيم الإيجابية والسلبية الحاضرة في الشخصية المصرية في القيم التالية: قيم الاتکالية والکسل وانعدام المسئولية والاعتماد على الغير بنسبة (29%)، تلتها بعد ذلک قيم الإنجاز والعمل والتعاون والطموح والأمل في التغيير للأفضل بنسبة (17.8%)، ثم جاءت قيم المواطنة والوحدة والتسامح والاعتدال والوسطية بنسبة (17.4%).
-       تمثلت أهم المصادر التي يکتسب من خلالها المجتمع منظومة القيم، وسائل الإعلام التقليدية بنسبة (22.6%)، وجاءت شبکة الإنترنت ووسائل الإعلام الجديد في المرتبة الثانية بنسبة (20.8%)، ثم المؤسسات التعليمية والثقافية بنسبة (14.8%)، تلتها الأسرة بنسبة (13.1%)، وفي المرتبة الخامسة جاءت المؤسسات الدينية ودور العبادة (12.7%).
-       وافقت النخبة المصرية بشدة على دور منظومة القيم المصرية السائدة في المجتمع قبل 25 يناير في اندلاع الثورة، استحواذت قيم ضعف هامش الحرية المتاح للفرد، انعدام العدالة الاجتماعية والمساواة، انتشار منظومة الفساد في مختلف مؤسسات الدولة، وضعف الأحزاب والتنظيمات والجماعات والمشارکة السياسية أبرز هذه القيم.
-       تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي أکثر وسائل الإعلام الجديد تأثيرًا على منظومة القيم في المجتمع، تلتها المواقع الإخبارية، وأوضحت النتائج أن آلية يسر الاستخدام وسهولة النقاذ إلى المعلومات وتنوع مصادرها من أهم آليات ومقومات هذه الوسائل بنسبة (18.2%)، وآلية سرعة نشر الأخبار أول بأول وانخفاض الکلفة المادية وتوفير الوقت والجهد بنسبة (17.4%).
-       کشف نتائج الدراسة ثقة النخبة المصرية بالإعلام الجديد بدرجة کبيرة، حيث وقعت قيمة المتوسط المرجح بين القيمة (1- 1.29) الأمر الذي يفسر تزايد أعداد مستخدمي الإنترنت وشبکات التواصل الاجتماعي في مصر والعالم العربي.
-       خلصت النتائج إلى أن أهم ملامح تأثير الإعلام الجديد على منظومة القيم خلال ثورة 25 يناير هي: انتفاء قيمة الخوف وظهور قيم الإصرار والصبر والصمود والتضحية من أجل التغيير بنسبة (17.5%)، ثم انتشار الشائعات والأخبار الکاذبة بنسبة (15%)، تلا ذلک إدراک المصريين لأهمية الإعلام ووسائله المتعدده في التغيير بنسبة (14.1%).
-       أظهرت النتائج تأثر الإعلام الجديد على قيم التجمع والحشد والتنظيم خلال ثورة 25 يناير بدرجة کبيرة جدا بنسبة (44.8%) من جانب النخبة المصرية، حيث وقعت قيمة المتوسط المرجح بين القيمة (1- 1.29) الأمر الذي يفسر تأثير الإعلام الإلکتروني الجديد على قيم التجمع والحشد والتنظيم خلال ثورة 25 يناير.

الكلمات الرئيسية