النماذج الإعلامية لأطراف الأزمة السورية في المواقع الإخبارية الدولية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم الإعلام - کلية الآداب – جامعة المنوفية

المستخلص

تعد الأزمة السورية بمثابة "زلزال" قوي له "توابع" قوية تتجاوز حدود سوريا لتشمل منطقة الشرق الأوسط برمتها، بل إنها قد تصل إلى أبعد مما يتصور کثيرون. وبدون فهم هذه الأزمة و"توابعها" على مستقبل المنطقة، فلن يکون من السهل إدراک المعادلات الحاکمة للعلاقات الدولية، والإمساک بمفاتيح السياسات الدولية في هذه المنطقة في المستقبل المنظور.
فالأزمة السورية، باختصار، يمکن وصفها بأنها أزمة سياسية عميقة، تسبب فيها الإحباط الذي أصاب قطاعات واسعة من الشعب السوري، تتطلع إلى الإصلاح السياسي،  واحترام حقوق الإنسان. نجم هذا الإحباط عن غياب "الحل السياسي"، والقمع المفرط الذي تقوم به الحکومة السورية لقوي المعارضة، وهو ما أدى إلى تحول الانتفاضة الشعبية السلمية التي بدأت منذ نحو تسعة عشر شهرا إلى مواجهة عسکرية عنيفة بين الحکومة من جهة، وجماعات المعارضة المسلحة، من جهة أخري، والتي تضم منشقين عن الجيش السوري، وعددا متزايدا من المدنيين المسلحين يطلقون علي أنفسهم اسم "الجيش السوري الحر"، ومجموعات من المقاتلين العرب، معظمهم ينتمي إلى التيار الإسلامي، بعد فتوي بعض شيوخه بأن الجهاد ضد نظام بشار الأسد فريضة.
وقد تسببت الاشتباکات المسلحة بين المعارضة والقوات الحکومية في وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين. وبدا من اشتداد حدة "المواجهة العسکرية" أن المعارضة المسلحة، وبعض عناصر المعارضة السياسية، فضلا عن نظام الرئيس الأسد بالطبع، عازمون على انتهاج استراتيجية عسکرية في مواجهة بعضهم بعضا.  وبذلک، أصبحت الجمهورية العربية السورية غارقة في العنف، ومعرضة لخطر حرب أهلية شاملة، بما قد يترتب على ذلک من تداعيات مهمة ليس فقط على الشعب السوري،  وإنما أيضا على الدول المجاورة في المنطقة ([i]).
وقد لعب الإعلام وخاصة الإلکتروني دوراً حاسماً في هذه الأزمة، حيث وظفه مختلف الأطراف والقوى الفاعلة في الأزمة لمصالحه الخاصة، بما يجعل الوسيلة الإعلامية نابعة في تغطياتها الإعلامية لمواقف دولها، في ظل صراع إعلامي حول الأزمة قدمت من خلاله کل وسيلة رؤية مغايرة للقضية وللأطراف المتنافسة فيها. ومن هنا فان مشکلة هذه الدراسة تتمثل في رصد وتحليل وتفسير النماذج الإعلامية التي قدمت من خلالها الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية بالمواقع الإخبارية الدولية.


اهم النتائج:
تشير النتائج إلى تحيز مواقع الدراسة لمواقف دولها الرسمية (السعودية- روسيا-إيران) في تقديم نماذج إعلامية عن الأطراف الفاعلة في الأزمة، فيما يتعلق بالنماذج الإعلامية للنظام السوري کأحد الأطراف الفاعلة في الأزمة، فالنتائج تشير الى اتفاق کل من موقعي الشرق الاوسط وروسيا اليوم في وصف النظام السوري بالقمع،  في الوقت ذاته اتفق موقعي روسيا اليوم وموقع وکالة مهر الإيرانية مع الموقف الرسمي لروسيا وإيران في تبرير اعمال العنف والقتل من الجيش النظامي السوري بدعوى أنها مکافحة للأرهاب، أما الولايات المتحدة الأمريکية کأحد الأطراف الغربية الفاعلة في الأزمة السورية، فقد اتفق موقعي الشرق الأوسط وروسيا اليوم على إظهار أمريکا کراعية لحقوق الانسان وتطلعات الشعوب في الديمقراطية رغم اختلاف وجهتي النظر الأمريکية الروسية حيال الأزمة، أما موقع وکالة مهر الإيرانية فقد أظهر أمريکا على أنها داعمة للارهاب. وفيما يتعلق بروسيا کأحد الأطراف الإقليمية الفاعلة في الأزمة السورية فقد اتفق موقعي روسيا اليوم  ووکالة مهر الايرانية على إظهار موسکو داعمة للحل السياسي للازمة، بينما حرصت الشرق الأوسط على نمذجة روسيا إعلاميا کداعمة للديکتاتورية والقمع. أما ترکيا کأحد الأطراف الإقليمية الفاعلة في الأزمة، فقد تنوعت نماذجها الإعلامية من موقع لآخر، فبينما يظهرها موقع الشرق الاوسط "راعية لحقوق الانسان وتطلعات الشعوب في الديمقراطية"، نجد موقع روسيا يظهرها " مکافحة للإرهاب"  بينما موقع وکالة مهر الإيرانية يظهرترکيا على أنها داعمة للإرهاب. ، وفيما يتعلق بالنماذج الإعلامية للسعودية کأحد الأطراف العربية الفاعلة في الأزمة، فقد أظهر موقع الشرق الأوسط الرياض على أنها "راعية لحقوق الانسان وتطلعات الشعوب نحو الديمقراطية" أما موقع روسيا اليوم فيرى السعودية متآمرة وداعمة للحل العسکري للازمة، بينما موقع وکالة مهر الإيرانية يظهر السعودية داعمة للإرهاب.


وفيما يتعلق بالأطر الخبرية المستخدمة في معالجة الأزمة السورية، يلاحظ تصدر أطر الاسباب مقدمة أطر التغطية الإخبارية للأزمة السورية في مواقع الدراسة غير أن کل موقع اتخذ موقفاً مغايراً في تحديد الأسباب التي أدت لاندلاع الأزمة، حيث نسب موقع الشرق الأوسط ذلک إلى مسئولية النظام السورية في حين رکز موقع وکالة مهر على الأطراف الإقليمية التي تدخلت في الأزمة ورکز موقع روسيا اليوم على التدخلات الدولية
ويلاحظ أن تصدر إطار الصراع مقدمة أطر التغطية الإخبارية للأزمة السورية في مواقع الدراسة يرجع إلى طبيعة الأزمة واحتدامها بين مختلف الأطراف، ويلاحظ تصدر إطار العنف في المرتبة الثانية بموقع الشرق الأوسط تأکيد على نسبة العنف للنظام السوري والتنظيمات المسلحة کجبهة النصرة وداعش في حين لم ينسب العنف للجيش الحر، أما موقع وکالة مهر فقد رکز على إطاري الإرهاب والتآمر لتصوير ما يحدث في سوريا على أنه إرهاب تمارسه التنظيمات المسلحة ضد النظام السوري وکذلک تصوير الموضوع على أنه تآمر من عدد من الأطراف الإقليمية والدولية، أما موقع روسيا اليوم فقد نسب الإرهاب للتنظيمات المسلحة کداعش والنصرة وفي بعض الأحيان للجيش الحر کما رکز على حالة العنف في سوريا وضرورة تخليص الدولة من هذا العنف

الكلمات الرئيسية