صحافة المواطن: جدلية المصطلح وإشکاليات التطور

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس مساعد بالمرکز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية

المستخلص

ظهرت صحافة المواطن وتطورت سريعًا بفضل الأدوات الجديدة للويب2 من جانب، وبفضل الجمهور الذى تعتمد عليه بالأساس من جانب آخر، وباتت شرائح عديدة من الجمهور تعتمد عليها بشکل رئيس يوميًا على مستوى العالم، ويکفى فى هذا السياق أن نذکر تصنيف موقع Alexa لأعلى 500 موقع على شبکة الانترنت وفقًا لعدد المستخدمين أو الزائرين، حيث يتبين أن صحافة المواطن تحتل جزءًا کبيرًا فى مقدمة هذه المواقع، فنجد أن موقع Facebook يأتى فى المرتبة الثانية بعد محرک البحث الشهير Google، يليه فى الترتيب الثالث موقع Youtube، کما يحتل المرتبة السابعة موقع Wikipedia، بينما يظهر موقع Twitter فى الترتيب العاشر؛ بما لا يدع مجالًا للشک فى خطورة هذه الوسيلة الجديدة للتواصل بين البشر حول العالم.
  وعلى أية حال، فرغم أن محتوى صحافة المواطن قد يفتقر للجودة والمصداقية والدقة والموضوعية وتتسم أحيانًا بالسطحية فى التناول، إلا إنها فى ازدهار واضح ونمو مطرد يجعلها باستمرار فى منافسة مع الإعلام التقليدى؛ خاصة فى ظل تزايد الإقبال عليها، وتحول أغلب الأفراد إلى جمهور نشط باستمرار عبر الهاتف المحمول الذى أتاح الانترنت بشکل دائم للمستخدمين. وفى الحقيقة عمل ظهور صحافة المواطن کمحفز للشفافية والابتکار والتعبير بحرية والعمل الجماعى ووفر الديمقراطية الحقيقية وأدى إلى إمکانية الوصول والتفاعلية والحرية والسرعة فى التواصل، بل وحوّل السلطة من المنتجين للمستخدمين، وفى ظل وجودها لم تصبح المعلومات حکرًا على أحد ولا يمکن التحکم فيها من قبل طرف واحد وجعلها حصرية له؛ فقد أصبح المواطن العادى من حقه التعبير عن نفسه للمرة الأولى بشکل حقيقى وفعال، حتى أن صحافة المواطن أصبحت قوية وثرية بمشترکيها ومستخدميها فى علاقة تبادلية بين الطرفين؛ حيث يعتمد کلاهما على الآخر بشکل رئيس.
   ومن خلال هذه الدراسة تم طرح عرضًا ملخِصًا لظاهرة صحافة المواطن، التى تعد واحدة من الظواهر الجديدة التى طرحت نفسها وبقوة على الساحة الإعلامية، حتى بات يتم وصفها من قبل بعض الباحثين بأنها واحدة من أبرز أشکال الصحافة الشعبية، وفى ضوء ما تم استعراضه حول هذه النوعية الجديدة من الصحافة يمکننا استخلاص ما يلى:

· إن صحافة المواطن واحدة من أهم الظواهر الحديثة، حيث أن التداول عبرها أصبح ضخمًا فى فترة زمنية وجيزة، إضافة إلى أنه مازال فى ازدياد مطرد؛ خاصة فى ظل قدرة الجمهور على توظيف أداوت الصحافة والإعلام بسهولة ويُسر، وبشکل خاص عبر الهاتف المحمول الذى أصبح بمثابة أداة رئيسة يتم التواصل عبر صحافة المواطن من خلالها.
· يمکن تعريف صحافة المواطن بأنها تلک المحتويات أو المضامين التى ينتجها الجمهور سواء مکتوبة أو مرئية أو مسموعة أو مرئية مسموعة، أو يعلق عليها بالمشارکة مع الآخرين، وکذلک المناقشات التى تدور بين الأفراد حول حدث أو قضية ما بشکل علنى عبر أحد أشکال صحافة المواطن.
· رغم تقسيم بعض الباحثين صحافة المواطن إلى مستقلة وغير مستقلة، إلا أن الغالبية العظمى من الباحثين يروون أن صحافة المواطن هى تلک الأشکال المستقلة تمامًا والتى تتيح حرية النشر والمشارکة بشکل کامل للجمهور، والتى تشمل بشکل أساسى: مواقع الشبکات الاجتماعية والمدونات والمنتديات ومواقع مشارکة الصور ومواقع مشارکة الفيديو أو الفيديو التشارکى ومواقع الويکى.
· يتضح وجود أدوار مهمة لصحافة المواطن بشکل عام من حيث تأثيرها على مسار بعض الأحداث على المستويات المحلية والعالمية کافة، کما أن لها أدوار خاصة بالانفراد فى تغطية بعض الأحداث أو بعض الجوانب والزوايا من الأحداث التى تجعلها متميزة بالمقارنة مع وسائل الإعلام التقليدية؛ حتى أصبح هناک تأثير لصحافة المواطن على صناعة الإعلام المؤسسى، وهو ما وصفه البعض بالمنافسة مع وسائل الإعلام الرسمية والخاصة.
· تتسم صحافة المواطن بالعديد من المميزات التى يأتى على رأسها التفاعلية والاستمرارية والحريةوالسرعة المتزايدة والتعددية والمرونة ونفى المکان وکسر احتکار المعلومات واتساع دائرة نشر المعلومة، کما تتميز صحافة المواطن ببعض مزايا النشر الإلکترونى بشکل عام ومن أبرزها سهولة البحث عن الموضوعات السابقة وسهولة الحذف والإضافة أو التعديل، والإطلاع على المعلومات بشکل فورى ومعرفة الأحداث فور وقوعها، إضافة إلى نشر کميات ضخمة من المحتوى يصفها البعض بالانفجار المعلوماتى، مع التحديث المستمر للمضمون Updating والنشر على نطاق عالمى.
· تبين أن صحافة المواطن قد حولت هيمنة الإعلام التقليدى إلى صعوبة السيطرة على الجماهير، بل وطرحت أجندة قضايا جديدة، وقامت بتعزيز العمل الاجتماعى عن طريق زيادة فرص المشارکة وتبادل الأفکار والمعلومات بين المواطنين، خاصة فى ظل تميزها بالشفافية والانفتاح فى تغطية الأحداث ونشر المعلومات.
· إلا أنه رغم کل الإيجابيات التى طرحها الباحثين حول صحافة المواطن، فإن لها سلبيات عديدة مازالت محل نقاش، نجد فى مقدمتها اختراق الخصوصية، وعدم الالتزام بالقواعد المهنية وعدم احترام اللوائح والقوانين من قبل البعض، وإمکانية إخفاء الهوية بما يسمح بوضع مضامين إباحية أو عنصرية أو محتويات تتضمن قذفًا أو تشهيرًا، کما يرى البعض أن صحافة المواطن قد تفتقر للمصداقية والدقة والموضوعية أحيانًا، کما يمکن أن تتصف بالسطحية والتحيز شخصنة الموضوعات العامة بما قد يخلق التعصب لرأى أو اتجاه معين من قبل بعض الفئات.

الكلمات الرئيسية