القوانين المنظمة للعمل الصحفي في سلطنة عُمان

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

1 أستاذ الصحافة والنشر الإليکتروني المشارک بجامعة السلطان قابوس

2 أستاذ الصحافة جامعة القاهرة

3 باحث فى الاعلام

المستخلص

 
تُثير القوانين الصحفية في دول العالم المختلفة جدلاً واسعاً ومستمراً على المستويين المحلي والدولي. وقد تزايدت في الفترة الأخيرة الإشارات الدولية والمحلية حول التأثير السلبي لقانون المطبوعات والنشر العُماني (1984م) بشکل خاص وبعض المواد القانونية المتفرقة بشکل عام على العمل الصحفي والصحفيين في سلطنة عُمان، حيث تشير بعض الملاحظات إلى أن قانون المطبوعات والنشر العُماني (1984م) يتضمن الکثير من القيود التي تحول دون توفير مناخ حر، لذلک فالقانون يحتاج إلى مراجعة من قبل السلطة التشريعية، کما أن لجنة المطبوعات والنشر والتي من ضمن اختصاصاتها محاسبة الصحفيين وإنزال العقوبات بهم لا تضم في عضويتها قاضياً واحداً فکيف يتم تخويلها بذلک الأمر الذي يُشکل تعارضاً مع المادة (22) من النظام الأساسي للدولة والتي تنص على أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاکمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع وفقاً للقانون ويحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً"، إضافة إلى ذلک فإن قانون المطبوعات والنشر العُماني (1984م) لم يعد هو المتحکم الوحيد في علاقة الصحفيين بالسلطة السياسية، فهناک قوانين تأخذ جانباً من الأهمية ويتم الاحتکام إلى نصوصها عندما يصل الأمر إلى مرحلة المساءلة القانونية في أي قضية صحفية، بالإضافة إلى ظهور جرائم نشر يتوجه أصحابها (المدعي) إلى الادعاء العام مُباشرة لتقديم الشکوى سواء ضد مؤسسة صحفية أو صحفي بعينه، وتجاوز قانون المطبوعات والنشر ووزارة الإعلام. وفي ضوء ما سبق تتبلور مشکلة الدراسة الحالية في تحليل مواد قانون المطبوعات والنشر (1984م) وغيره من القوانين المتصلة بالعمل الصحفي، والخروج بخلاصات تساعد في وصف النظام الصحفي في سلطنة عمان وتصنيفه ضمن النظم الصحفية العالمية، خاصة النظام السلطوي، ونظام المرکزية الاجتماعية.  
توصلت الدراسة من خلال تحليل قانون المطبوعات والنشر العُماني (1984م) والنصوص القانونية ذات العلاقة بالعمل الصحفي إلى أن قانون المطبوعات والنشر الصادر في 1984 مثل وقت صدوره خطوة على طريق تقنين الصحافة ووضع أساس لنظام صحفي عماني، إذ سبقه قانون 1975 الذي صدر في بداية التجربة الصحفية في سلطنة عمان التي انطلقت في العام 1972. ورغم أهميته فان القانون الحالي للمطبوعات والنشر الذي مر على صدوره أکثر من ثلاثين عاما لم يعد يتناسب والتطور الصحفي الکبير الذي شهدته السلطنة والتطورات التي شهدتها الصحافة العالمية. لقد صدر القانون حين کانت الخريطة الصحفية في السلطنة تقتصر على صحيفتين يوميتين باللغة العربية هما الوطن وعمان، وصحيفة واحدة باللغة الإنجليزية هي تايمز أوف عمان، في حين أن الخريطة الصحفية الحالية تضم تسع صحف يومية، خمسة منها باللغة العربية وأربعة باللغة الإنجليزية، إلى جانب عشرات الصحف الإليکترونية والمواقع الإخبارية.
ومن المؤکد أن قانون المطبوعات والنشر لعام 1984 والقوانين ذات الصلة وما ادخل عليه من تعديلات يسهم في عملية تنظيم جوانب العمل الصحفي والمؤسسات الصحفية المختلفة العاملة في هذا المجال؛ حتى لا يتسم الأمر بالعشوائية وغياب المرجعية القانونية في حال إلحاق الضرر بأحد. إلا أنه يعکس من خلال مضامين النصوص القانونية بصورة واضحة التدخل الحکومي (وزارة الإعلام، وزير الإعلام، لجنة المطبوعات والنشر) في العمل الصحفي في سلطنة عمان، وفي کثير من الأحيان تعتبر الجهات الدولية المعنية بالشأن الصحفي ذلک التدخل نوعاً من القيود التي تحد من حرية الصحافة والصحفيين.
لقد کشفت الدراسة أن قانون المطبوعات والنشر لعام 1984 يخلو من الإشارة إلى الجزاءات الإدارية کالإشعار، والإنذار، لکنه يقدم عقوبات مثل الضبط، والمصادرة، والإغلاق، والغرامة، والحبس. ويؤخذ عليه أنه يمنح (لجنة المطبوعات والنشر) التابعة للسلطة التنفيذية حق معاقبة شخص أو جهة لأنه لا يتوفر لها الحياد والاستقلالية، کما أنه ليس من المنطقي أن يکون الخصم هو الحکم کما أن الوزير هو من يصدق على الأحکام. ولم يُشر القانون إلى منح المحاکم بدرجاتها المختلفة أي صلاحية تتعلق بإغلاق الصحف أو مصادرة المطبوعات بمختلف أنواعها لعدم وجود محاکم متخصصة في جرائم النشر في سلطنة عُمان.
ومن المهم أن نشير إلى وجود حالة من عدم الاتساق أو التکامل بين القوانين المنظمة للعمل الصحفي بسبب تناثر المواد القانونية المتعلقة بهذا العمل في أکثر من قانون، وتحت إشراف أکثر من مؤسسة رسمية، مثل وزارة الإعلام، وهيئة تنظيم الاتصالات، وهيئة الوثائق وغيرها. ويرتبط بذلک حالة من عدم التوافق في بعض المفاهيم والعقوبات الواردة في قانون المطبوعات والنشر لعام 1984 وبعض القوانين الأخرى، مثل العقوبات الخاصة بالإساءة للسلطان الواردة في قانون الجزاء العُماني (1974م) وقانون المطبوعات والنشر العُماني (1984م). وفي حين يخلو قانون المطبوعات والنشر العُماني (1984م) من أية إشارة تتصل بالإساءة إلى رؤساء الدول الأجنبية، فإن قانون الجزاء العُماني (1974م) وهو قانون قديم مقارنة بقانون المطبوعات (1984م) أشار في (المادة 150) إلى عقوبة السجن من ثلاثة (3) أشهر إلى ثلاث (3) سنوات على کل من ارتکب علانية أو بالنشر عيباً في ذات رئيس دولة أجنبية وهو داخل الأراضي العُمانية. ولذلک يبدو من الضروري إصدار قانون جديد للإعلام في سلطنة عمان يجمع کل ما يتعلق بالإعلام التقليدي والجديد من جانب ويفک الاشتباک الواضح بين قانون المطبوعات والنشر والقوانين الأخرى ذات الصلة بالصحافة.

الكلمات الرئيسية